
إحداث إقليم بتارودانت الشمالية، مطلب تنموي واستراتيجي، من قلب مدينة الدار البيضا
عاد مطلب إحداث إقليم بتارودانت الشمالية ليحتل واجهة النقاش العمومي من قلب مدينة الدار البيضاء، حيث التأم نخبة من الخبراء والأكاديميين والفاعلين المدنيين في ملتقى علمي ثقافي نظمه منتدى سوس العالية، وخصص لتشريح واقع التنمية المجالية بإقليم تارودانت وبلورة تصورات جديدة ترتقي بالعدالة الترابية وتستجيب لطموحات ساكنة الشمال الجبلي من الإقليم.
اللقاء شكل لحظة فارقة في مسار الترافع من أجل وحدة ترابية مستقلة، تستجيب للخصوصيات الجغرافية والديموغرافية والاجتماعية التي تميز الشطر الشمالي للإقليم، والذي ظل لسنوات طويلة يعاني من التهميش وضعف البنيات التحتية وندرة الخدمات الأساسية، وسط مطالب متزايدة بإنصافه، عبر خلق إقليم جديد يحمل اسمه ويكون رافعة فعلية للتنمية المندمجة.
الملتقى العلمي الثقافي، الذي اختير له شعار:” المقاربة الترابية للتنمية المجالية بالمغرب: حالة إقليم تارودانت الواقع والمأمول”، فتح نقاشاً معمقاً حول المقاربة الترابية، حيث شددت المداخلات على أن اتساع المجال الترابي لإقليم تارودانت ووعورة تضاريسه وتباعد مراكزه الحضرية، كلها عوامل أفرزت اختلالات بنيوية عرقلت دينامية التنمية وعمقت الفوارق المجالية والاجتماعية.
كما أبرز المشاركون أن إحداث إقليم تارودانت الشمالية لا يعني فقط إعادة رسم الخريطة الإدارية، بل يمثل مدخلاً استراتيجياً لإعادة الاعتبار لمجالات طالها النسيان، وفرصة حقيقية لتقريب الإدارة من المواطن، وتحفيز الاستثمار، وتجويد الخدمات العمومية، في انسجام تام مع التوجيهات الوطنية الرامية إلى تكريس العدالة المجالية.
وتميز اللقاء بتقديم رؤى تحليلية دقيقة حول التحديات التنموية التي تواجه الإقليم، وسبل تجاوزها عبر تفعيل المقاربة التشاركية واعتماد آليات تخطيطية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية، كما تم التأكيد على ضرورة ترجمة خلاصات النقاش إلى أرض الواقع عبر توصيات عملية تدعم الملف الترافعي لإحداث الإقليم الجديد.
المداخلات العلمية ركزت على مفاهيم المقاربة الترابية ومستلزمات تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، كما تم اقتراح آليات عملية لتفعيل هذه الرؤية، من خلال نموذج فصل الشطر الشمالي للإقليم وتخصيصه بوحدة ترابية مستقلة تستجيب لخصوصياته الجغرافية والديموغرافية والاجتماعية، بما يضمن تكاملاً تنموياً مع باقي أقاليم جهة سوس ماسة.
وخلصت أشغال اللقاء إلى تعبئة جماعية من داخل وخارج الإقليم، من أجل الدفع بهذا المطلب نحو دوائر القرار، وتأكيد أن تأهيل الشمال الجبلي لتارودانت، لم يعد مجرد حلم محلي، بل هو مطلب وطني مشروع، يؤمن بعدالة التنمية ويستند إلى معطيات واقعية وحاجيات ملحة، تستوجب التعجيل في الاستجابة لها، ضمن رؤية شمولية منصفة لكل ربوع سوس العليا.
الملتقى لم يكن فقط محطة للتفكير الجماعي والتشخيص الواقعي، بل أضحى منصة حوارية لتقاسم الرؤى بين مختلف الفاعلين، في أفق بلورة نماذج جديدة للتنمية المجالية العادلة والمنصفة، تضع الإنسان في صلب السياسات العمومية، وتُعيد للجهات دورها الحقيقي كقاطرة للتنمية والعدالة المجالية.
- متابعة عطية بريس

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News