أكادير: حين يئن المجد بين ذكريات الأمس وألم الحاضر
- بقلم: حسن كرياط//
أكادير، تلك المدينة التي نسج التاريخ على أديمها حكايا لا تنتهي، تسكن قلب المحيط الأطلسي بشموخ، وتنطق أزقتها برائحة الأصالة. مدينة حملت على عاتقها عبق الماضي، حيث تقاطعت الحضارات وتماهت الثقافات، لتظل شاهدة على عظمة الأمازيغ وأصالة الأرض التي لا تخون.
منذ زمن بعيد، كانت أكادير وجهة الحالمين والمتطلعين إلى عبق الحياة. شوارعها كانت لوحات تنبض بالحياة، وليلها الساحر كان يجمع قلوب الناس في دفء لا نظير له. أهلها الأمازيغ، بكرمهم الفريد وابتساماتهم الصادقة، جعلوا من مدينتهم ملاذاً للزوار والمقيمين على حد سواء. ولكن، ككل حكاية جميلة، عرفت أكادير منعطفات ألمتها وغيرت ملامحها.
لقد تعرضت هذه المدينة، التي كانت يوماً ما أيقونة للأصالة والتجدد، إلى ضغوط التحولات العمرانية التي سلبتها رحابتها. البناء العمودي انتزع منها أفقها المفتوح، وحوّل سماءها إلى ظلال باهتة تحجب شمسها الدافئة. قصباتها التاريخية، مثل قصبة أكادير أوفلا، التي كانت تعلو قمم الجبال وتحكي مجدها الغابر، باتت اليوم تراقب بصمت مدينة تبدلت ملامحها، مدينة تعيش بين أطلال الحلم وأوجاع الحاضر.
ومع ازدهار المهرجانات التي أُثقلت بها أجندتها السنوية، أصبحت أكادير أشبه بعروس تزف كل يوم، لكن دون أن تجد من يصونها أو يرعى أوجاعها. أموال تهدر في الاحتفالات التي لا تترك أثراً عميقاً، بينما تتأوه مستشفياتها من العجز، وتئن طرقاتها تحت وطأة الإهمال، ويشتاق أبناؤها إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة.
أكادير، التي كانت يوماً رمزا للعلم والتراث الحي، تصرخ اليوم: “كفوا عن المتاجرة باسمي وهويتي! لا تجعلوا من مهرجانات الفرح المزيف قناعاً لواقع يئن تحت وطأة الإهمال. أنا ابنة التاريخ، أنا رمز للتمغربيت، تلك الهوية الجامعة التي تأبى المساومة أو الانكسار.”
فيا من بيدكم زمام الأمور، هل ستظلون شهوداً صامتين على انطفاء مجدها؟ أم ستعيدون لها وهجها، وترفعون عنها غبار النسيان؟ أكادير ليست مجرد مدينة، بل روح نابضة تحتاج إلى من يعيد لها الحياة، لتبقى شاهدة على عظمة تاريخ لن يُنسى.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News