
أطفال الشوارع: عنوان التفكك الاسري والتسرب المدرسي وانعكاس الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية
- ذ. محمد بادرة//
تشكل مرحلة الطفولة احدى المحطات الاساسية في مسيرة حياة الانسان لأنها ترسم عبر احداثها وتجاربها وتفاعلاتها اعمق البصمات وابعدها غورا في بنيان شخصية الانسان كما ان هذه المرحلة تتشكل فيها النماذج الاولى لاهم الاتجاهات التي تحدد شخصيته مستقبلا اي شخصيته وهو مراهق ثم شخصيته وهو راشد وترسم له مسارات تشكلها فإما ان تجعل منه كائنا اجتماعيا مستدخلا معايير منظومته الثقافية متكيفا مع المحيط واما ان تغرس فيه بذور التنافر والتوتر والاختلال مفضية الى خلق شخصية مضطربة معقدة تتنازعها تيارات الانحراف والاعتلال.
في ضوء ذلك ينبغي ايلاء الاهمية لهذه المرحلة واحاطة الاطفال خلالها بمناخات ايجابية صحية تضمن لهم النمو السليم المتكامل بمختلف ابعاده الجسمية والنفسية والعقلية والاجتماعية بيد ان اي اضطراب او تفكك يصيب بنية الاسرة او العلاقات السائدة داخلها ستكون له انعكاسات سلبية قوية على شخصية افرادها وخصوصا الاطفال في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من مراحل نمو شخصيته فتظهر الاضطرابات السلوكية ومنها العدوان بأشكاله المختلفة نتيجة الاحباط النفسي الذي يصيب الطفل من جراء فقدان الحب داخل اسرته ويزداد الميل الى العدوانية مع ازدياد المدة التي يقضيها الطفل في الشارع حيث يتعلم من الحياة في الشارع ان العنف هو لغة الحياة في الشارع.
واطفال الشوارع هم عنوان عريض عن التفكك الاسري.
ويعاني المغرب بصورة واضحة من مشكلة انتشار اطفال الشوارع والتي اصبحت غير مقتصرة على المدن والحواضر وانما امتدت الى كل المناطق والجهات وهي ظاهرة معقدة ومتشابكة تتداخل فيها عوامل ذاتية خاصة بالطفل الشارع وعوامل مجتمعية خاصة بالمجتمع والتحولات الاقتصادية والاجتماعية التي اصابته وعوامل اسرية تتعلق بالأسرة.
اطفال الشوارع وندرة الدراسات والبحوث الميدانية
تعتبر ظاهرة اطفال الشوارع من بين اهم الظواهر الاجتماعية الاخذة في النمو ليس فقط على مستوى البلدان الفقيرة والنامية وانما ايضا في الدول الصناعية المتقدمة فهي ظاهرة تعاني منها كل دول العالم وتهدد سلامتها وامنها وتطورها.
ورغم ان التقديرات الكمية بخصوص الظاهرة هي نسبية ومتباينة في مجملها الا ان هناك شبه اجماع على انها ظاهرة موجودة تستدعي البحث والتنقيب كما ان هناك مجهودات متناثرة هنا وهناك سواء كانت حكومية او تطوعية او خاصة بالهيئات الاقليمية والدولية تسعى كلها لبناء مشروعات تهدف الى التصدي للظاهرة بعد الاستشعار بخطورتها.
على الرغم من خطورة ظاهرة اطفال الشوارع وتشعب تداعياتها السلبية على المجتمع الا ان الساحة العلمية تكاد تخلو بوجه عام من الدراسات التي حاولت رصد حجم الظاهرة وحصرها على المستوى الوطني دون ان يحول ذلك من القول ان هناك بعض الجهود المتناثرة التي حاولت التصدي لاستقصاء حجم تلك الظاهرة مما يعني هشاشة الارضية المعلوماتية المتوافرة بشان اشكالية اطفال الشوارع مما يعيق امكان اجراء ترسيم دقيق لحجم الظاهرة وسماتها وما هو موجود من المعطيات والارقام والبيانات المتوافرة تتسم بالمحدودية والتضارب كما ينصرف بعضها للاهتمام بالجوانب القانونية للظاهرة في غياب نظرة تحليلية ناقدة.
في احدى الدراسات السابقة التي قامت بها الجمعية المغربية لمساعدة الطفولة في وضعية هشة بمدينة الرباط توصلت الى ان اعمار هؤلاء الاطفال المشردين في الشوارع تتراوح بين 11 سنة و12 سنة وان 46% منهم لم يسبقوا ان دخلوا المدرسة وان 54 % تركوا المدرسة في السنوات الاولى من الدراسة بحيث لم يتعدى السنة الثالثة ابتدائي. غير ان الوضع الحالي اكثر قتامة واشد خطورة لكون الشارع يضم نسبة لا باس بها من الاطفال الصغار منهم الذين ولدوا في الشارع وترعرعوا في الشوارع وسط “كوكبة” الاطفال الجانحين المنحرفين والمشردين وهؤلاء قد لا يشملهم(الاحصاء) !!!
هناك ندرة حقيقية من الدراسات والبحوث الميدانية المغربية التي حاولت التعرض للظاهرة استقصاء وتحليلا مما ينعكس بشكل خاص في الغياب الواضح للإحصاءات الدقيقة حول حجم تلك المشكلة وقد يرجع ذلك الى عدة اسباب اهمها ندرة استخدام المصطلح (اطفال الشوارع) على المستوى الاكاديمي وبالتالي ندرة الدراسات والبحوث العلمية والميدانية في هذا المجال والاعتماد في المقابل على مجموعة من المصطلحات القانونية مثل (الاحداث المشردين _ الاحداث المنحرفين _ الاحداث الجانحين _ وحالات التعرض للانحراف) مما يضفي على هذه الدراسات صبغة قانونية وكان الظاهرة هي خروج عن النظام الاجتماعي والاخلاقي القائم او الخروج عن النظام العام.
اطفال الشوارع : اضاءة مفاهيمية :
بحكم انتماء مفهوم اطفال الشوارع الى اسرة المفاهيم الاجتماعية التي تتسم عموما بصعوبة ادراجها ضمن تعريفات دقيقة ومحكمة تتولد اشكالية تأطيره ضمن قالب دلالي معين اذ تميل التعريفات الاجتماعية في العادة للتباين حد التعارض احيانا تبعا لاختلاف منطلقات المعرفين وتغاير مرجعياتهم النظرية والمنهجية فثمة من يميلون الى التفريق بين مصطلحي (اطفال الشوارع) و (الاطفال في الشوارع) وذلك بوسم المصطلح الاول بميسم سلبي يوحي الى الانتماء لمجتمع الشارع بكل سلبياته وانحرافه او ما يمكن القول عنه ان روابط الاطفال باسرهم قد انقطعت وبات الشارع مقرا لسكناهم واعمالهم فيه يعانون من الاستغلال والاساءة اليهم بصورة تعيق نماءهم الطبيعي المتوازن في حين ان مصطلح (الاطفال في الشوارع) يعني اولئك الذين يقضون اغلب اوقاتهم في الشوارع وقد يمارسون بعض الاعمال الهامشية مثل غسل السيارات او تلميع الاحذية او جمع المواد التي يمكن اعادة تصنيعها كالقطع المعدنية انهم الاطفال الذين يتخذون من الشارع مسرحا لأعمالهم ويعودون في العادة الى اسرهم وهو ما يمكن ان نسميهم (الاطفال في الشوارع)
وعرفت الامم المتحدة اطفال الشوارع بانهم اي ولد او بنت اصبح الشارع (في معناه الشامل مثل: الازقة والشوارع والمساكن المهجورة والملاجئ والاماكن المهملة…) تشكل بالنسبة لهم مكان اقامتهم ومصدر معيشتهم كما تنقصهم الحماية والاشراف والتوجيه..
وفي نفس الاتجاه يرتكز تصنيف منظمة الصحة العالمية لأطفال الشوارع الى اربعة اقسام
- الاطفال الذين يعيشون في الشارع وباستمرار.
- الاطفال المنفصلين عن اسرهم بصرف النظر عن مكان اقامتهم سواء في الشارع او الاماكن المهجورة او دور الايواء.
- الاطفال الذين تربطهم علاقة باسرهم ولكن تضطرهم بعض الظروف الى قضاء ايام وليال او معظم الايام في الشارع.
- الاطفال في الملاجئ المعرضون لخطر ان يصبحوا بلا مأوى.
في حين ان المجلس العربي للطفولة والتنمية اعتبر ان طفل الشارع هو الذي عجزت اسرته على اشباع حاجاته الاساسية الجسمية والنفسية والثقافية كنتاج لواقع اجتماعي – اقتصادي تعايشه الاسرة في اطار نظام اجتماعي اشمل دفع به الى واقع اخر يمارس فيه انواعا من النشاطات لإشباع حاجته من اجل البقاء مما قد يعرضه للمساءلة القانونية بهدف حفظ النظام العام ومن النشاطات التي تعرضه للمسائلة القانونية مثل احتمال التحول الى الاجرام والعنف او استخدام الشارع للتسول او القيام بالأعمال الخارجة عن النظام العام – او ترويج واستهلاك المخدرات – اوالسرقة وغيرها من الافعال المنحرفة…
اطفال الشوارع: العوامل والاسباب
الطفل في مجتمعنا لا يعاني من ضعف التخطيط الرسمي ومن جحيم الفقر الاجتماعي ومن تفكك بنية الاسرة ومن ندرة البيئة الثقافية السليمة وقلة وسائل الترفيه والتسلية ومن الفشل والتخلف المريع للأنظمة التربوية المدرسية ومن الانشطة الموازية فحسب بل انه يعاني كذلك من مجموعة من المشاكل الاساسية التي تهدد وجوده كبشر وتهدد سويته الانسانية وتغمط حقوقه وتشكل مخالفات فاضحة للإعلان العالمي لحقوق الطفل الصادر في عام 1959 والميثاق العربي لحقوق الطفل ومخالفة صريحة للقيم والعادات الدينية والوطنية النبيلة.
ثمة حزمة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية تتضافر فيما بينها مفضية الى انبعاث وتصاعد ظاهرة اطفال الشوارع وفي الوقت نفسه يصعب حصر تلك العوامل الا انه من الممكن حصرها في :
العامل الاقتصادي:
الدراسات والاحصائيات المتوفرة تدعم بشكل رئيسي وجود ارتباط وثيق بين ارتفاع معدلات انتشار الظاهرة من جهة وتدني المستويات المعيشية والاقتصادية من جهة اخرى حيث يدفع الفقر بكثير من الاسر الى حرمان اطفالها من حاجياتهم الاساسية فيضطرون الى الخروج او الهروب من البيت وفي مراحل مبكرة من اعمارهم تحت وطأة هذه الظروف الاقتصادية البالغة القسوة والاجحاف، وكشفت منظمة اليونيسيف ان(البلدان العربية تفقد سنويا ربع اطفالها نتيجة سوء التغذية والمرض) وهذا له تأثير سلبي على صحتهم وتعليمهم وشخصياتهم وقدراتهم الذهنية والجسدية.
العامل الاجتماعي :
الاسرة هي اول محيط اجتماعي يتعلم فيه الطفل الانماط التي ستشكل السمات الاساسية لشخصيته وهي (الاسرة) نقطة ارتكاز اساسية في تدعيم التوازن الاجتماعي وترسيخه واي اختلال او اضطراب او تفكك يصيب بنية الاسرة (وفاة_ طلاق_ صراع_ خصام..) سيؤثر على اداء وظائفها وسيحدث تصدعات في جدار البنيان الاجتماعي برمته مما قد يكون له انعكاسات قوية على شخصية افراد هذه الاسر ويسبب في ظهور مشكلات حادة تكون عائقا امام تطور شخصية الطفل ونموه ومعه نمو المجتمع.
ان التفكك الاسري او الخلافات الزوجية اذا ما اقترنت بظروف اقتصادية او معيشية صعبة فإنها تلحق بالأطفال اضرارا نفسية بليغة تعمل في شخصيتهم معول التفكيك والهدم وتدفع بهم طوعا وكرها الى الشوارع وهذا ما ينسحب كذلك على ظاهرة التسرب الدراسي التي كشفت عدد من الدراسات تورطها المباشر في اقرار ظاهرة الجنوح والهروب الى الشارع
العامل الثقافي:
تتقدم المنظومة الثقافية المهيمنة في المجتمع لتدلي بدلوها على صعيد التأثير في مسار الظاهرة اذ ان هناك جملة من القيم الثقافية التي تصب في اتجاه مجابهة الظاهرة والحد منها كقيم التآزر والتضامن وكفالة اليتيم والعطف على الصغير وحمايته والنظر الى الاب بوصفه رب الاسرة والام بوصفها حاضنة رحيمة للأبناء وفي المقابل ثمة قيم اخرى تسهم في دعم الظاهرة وشرعنتها من قبيل طغيان القيم المادية وهيمنة ثقافة التشريعات القانونية الجديدة في تعارض بعض موادها مع العرف والشرع (حقوق الوالدين وحقوق الطفل…) وهذا الخلاف والاختلاف بين المرجعيتين يؤدي الى تباين وتضارب في الموضوعات المتعلقة بالطفل وبالطفولة ( المشردون – المنحرفون – الجانحون – اللقطاء – …) وموضوعات اخرى لها صلة بالطفولة مثل (الحضانة- الكفالة- الميراث- النسب- الوصاية ..) وكل ذلك يؤثر على حياة الطفل من التعليم والصحة والشغل …
البيئة التربوية / التسرب المدرسي :
ظاهرة التسرب المدرسي من الظواهر الخطيرة التي تسبب في نمو وتطو اعداد اطفال الشوارع وهي (صورة من صور الفقر التربوي في المجال التعليمي ) والتي تدفع الطفل او المتعلم الى ترك الدراسة في احدى مراحلها المختلفة ووفق البيانات الاحصائية فان مجموع التلاميذ الذين غادروا فصول الدراسة في سنة 2023 يصل الى (334 الفا و664) منهم (183الفا) بالثانوي الاعدادي و(76الفا و233)بالابتدائي و(74الفا538 )بالثانوي التأهيلي.
ولاحظت العديد من الدراسات ان ظاهرة التسرب المدرسي في تصاعد متزايد وتنتشر اكثر بالوسط القروي و بالأحياء الهامشية الفقيرة بالوسط الحضري مما يسبب في انتشار الامية والبطالة والجريمة في المجتمع وفي وسط الاطفال الذين غادروا المؤسسات التعليمية و “احتضنهم” الشارع.
الاثار والانعكاسات
الطفولة بنيان هش يتطلب عناية فائقة تضمن لذلك البنيان النماء والتكامل بصورة ايجابية متوازنة ومن الطبيعي ان ينعكس نقص الاهتمام بدعامة من دعامات ذلك البنيان في تماسكه وتوازن وظائف وحداته ومن هنا فان تقويض المقومات الاساسية التي ينبغي لكل طفل ان يتمتع بها في سبيل نمائه السوي من شانه ان يقود الطفل الى الوقوع فريسة الاضطرابات النفسية والاجتماعية والجسدية والهروب الى الشارع يعمل على زعزعة كل تلك المقومات اذ غالبا ما يضطر طفل الشارع الى معايشة ظروف واوضاع عملية بالغة الخطورة بدءا بممارسة بعض الاعمال الهامشية: بائع متجول للسجائر في المقاهي ومحطات المسافرين.. غسل السيارات في الشارع العام – تلميع الاحذية الى استهلاك المخدرات والكحول الرخيصة والخطيرة على الجسم والعقل وصولا الى الوقوع في الاستغلال الجنسي وهو ما يعرضهم للإصابة بالعديد من الامراض الجنسية والتناسلية الخطيرة اضافة الى خطر الحمل المبكر بالنسبة لفتيات الشارع.
هذه الاوضاع المزرية والخطيرة غالبا ما يسبب في توجيه ضربات موجعة الى نفسيتهم و مطيحة بإحساسهم بالآمن والاستقرار النفسي ومن شان الاحساس بفقدان الامن لذى الطفل ان يزعزع ثقته بنفسه ويفضي به غالبا الى الاضطرابات الانفعالية والسلوكية التي اظهرت الدراسات الاجتماعية والنفسية ارتباطها المتين بالحرمان من اشباع دافع الامن عند الطفولة وغياب الاحساس بالآمن لدى هذه الطفولة يشعرها بالقلق والكآبة وفقدان احترام الذات والحط من قيمتها ويطور لديهم نوازع العدوان وسوء التكيف (باندورا)
كل هذا يقودنا الى مساءلة المؤسسة التربوية التعليمية عن مدى فشلها في حماية هذا الطفل من الجنوح الى الشارع وفشلها عن الاستجابة للاحتياجات الحقيقية للطفل واقناعه بجدوى وقيمة المدرسة؟؟
مكافحة ظاهرة اطفال الشوارع
اصبحت قضية اطفال الشوارع في بلدنا ومجتمعنا من المشكلات اللافتة للانتباه حيث لا مفر من التعامل بشجاعة وفعالية مع الظاهرة واول خطوة في معالجتها ومكافحتها هو الاعتراف اولا بوجود الظاهرة وبحجمها وخطورتها… انها الخطوة الاولى والاساسية في معالجة هذه الظاهرة بل هي المفتاح الاساسي لتجاوزها.
لمكافحة الظاهرة فان التشريعات والاجراءات المصوغة لحماية اطفال الشوارع تعطي انطباعا مرضيا ومشجعا من خلال الحملات المناسباتية و التظاهرات والمؤتمرات المعنية بقضايا الطفولة التي تشهدها الكثير من مدننا وحواضرنا والتي تترجم في العادة الى توصيات وبروتوكولات تبقى حبرا على ورق ولا تجد طريقها الى التطبيق العملي .. اذ ان الواقع الفعلي المشاهد قد لا يتوافق مع تلك الصورة الواقعية حيث ان شوارعنا لا تزال مكتظة بأعداد كبيرة من الاطفال الذين القتهم ظروفهم الاجتماعية القاسية وقودا للجريمة والتسول و التسكع … ويتعرضون لظروف قاسية تجردهم من ابسط حقوقهم الانسانية التي كفلتها الشرائع و القوانين الامر الذي يستلزم اعادة النظر الى جدية تلك التشريعات والاجراءات ويطرح ضرورة تطويرها وتوفير الاليات القمينة بتفعيلها ونقلها الى حيز الفعل الحقيقي من قبيل:
- – ايجاد استراتيجيات عمل فعالة للتصدي للمشكلة حتى لا نجعل من اطفال الشوارع المادة الخام للسلوك المنحرف خاصة وانهم قابلين للتوظيف من طرف محترفي الجريمة.
- – اشراك كل قطاعات الدولة والمجتمع المدني كافة على صياغة سياسات مناسبة لتجفيف منابع التشرد وتحويلها الى استراتيجية عمل وبرامج تنفيذية على المدى القريب والبعيد مما يؤمن وسائل الدعم للعلاج الاستئصالي لهذه المشكلة وعبر اشراك الاطراف الاساسية في العملية وهم الاسرة ومؤسسات التربية والتعليم.. قصد الارتقاء بخدمات التعليم والصحة والغداء والامن الاجتماعي وتعزيز قدرات الاسر الفقيرة والمعوزة.
- – زيادة الاهتمام بظاهرة التسرب المدرسي ووضع الخطط والبرامج الكفيلة بمعالجتها بوصفها من المسببات الرئيسية لبروز مشكلة اطفال الشوارع .
- – الاهتمام بالتربية ما قبل المدرسية التي تعتبر من اهم المراحل النمائية الهامة لشخصية الفرد واكساب الطفل المهارات المعرفية والاجتماعية والانفعالية التي تمكنه من الاندماج المدرسي والاجتماعي وتساعده على بناء علاقات صحية ناجحة في المستقبل. لقد اوصى جلبرت دي لانشير بالاهتمام برياض الاطفال ومرحلة ما قبل المدرسة وامن بعد دراسة وبحث ان تطور الولايات المتحدة الامريكية تم فقط عبر تطور ذكاء اطفالها منذ سنواتهم الاولى.
- – ايلاء العناية القصوى بالأطفال المعاقين سواء منها الاعاقات الجسدية او العقلية او النفسية بسبب انخفاض الوعي الصحي عند الاسر بل لدينا صنفا من الاسر لا تبلغ عن وجود اطفال معاقين لديها اذ تعتبر الطفل المعاق عارا وعيبا وهي تنتظر الخلاص منه او تدفع به الى الشارع للتخلص منه او التسول به فيكبرون وتكبر اعاقتهم معهم ويعانون من ابشع انواع المعاناة حيث ان متطلباتهم غير مأخوذة في الاعتبار مجتمعا وسياسة فيضطرون الى ان يكونوا كتائب اجرامية او لصوصية ويحملون امراضا لا يمكن تخيلها.
- – استثمار وسائل الاعلام وقنواته وكل الوسائط الاجتماعية لتبصير كل شرائح المجتمع بخطورة وانتشار ظاهرة جنح الاحداث واسبابها وطرق علاجها
- – لا يمكن تصور مشروع تربوي لا يطرح موضوع التربية على القيم لأنه يهم صناعة الانسان ويستهدف بناء الفرد وتطوير سلوكه بشكل ايجابي يستطيع من خلاله ان يسهم في تغيير وتطوير مجتمعه على اعتبار ان العنصر البشري هو منطلق وغاية المؤسسة التربوية والتعليمية ولذلك اصبحت مؤسسات التربية والتعليم مطالبة بإشاعة وتعزيز القيم الانسانية النبيلة من تكافل وتعاون وتراحم ومحاربة القيم المادية الدخيلة وتوظيف موروثنا الثقافي في هذا الاتجاه.
- – ايلاء العناية القصوى للمؤسسة الاسرية باعتبارها الهيئة الشرعية الاولى المنوط بها مهمة تنشئة الاطفال وتربيتهم تربية سوية متوازنة.
واستئناسا بأسلوب التخطيط لبرامج المنظمات العالمية المهتمة بشان الطفولة المشردة نستشعر أن هناك ادراكا في المجتمع الدولي بان كل البرامج والسياسات الاجتماعية والمشاريع التربوية لا يمكنها ان تنجح الا اذا تم تكييفها مع الاوضاع والخصوصيات المحلية ولذلك يوجد حرص من طرف هذه المنظمات العالمية بضرورة اشراك ممثلي الجمعيات المحلية ليس فقط في التخطيط او تنزيل المشاريع الاصلاحية الموجهة لصالح هذه الفئة المستهدفة (اطفال الشوارع) وانما كذلك اشراكها في صياغة كل العمليات من التخطيط الى التنزيل الى التطبيق.
و من بين الاساليب المستخدمة من طرف هذه المنظمات الانسانية اسلوب معلمي الشوارع كممارسة ميدانية ضمن استراتيجيات العمل غير المؤسسي الاكثر فعالية في هذا المضمار حيث يستعمل هذا الاسوب الخاص مع المجموعات الرافضة لمفهوم الرعاية المؤسسية وهو اسلوب يسهم في تحديد احتياجات اطفال الشوارع وكيفية الاستجابة لها.
كما ان هناك اسلوب يعتبره بعض المختصين الاجتماعيين مناسبا مع بعض الفئات المشردة وهو برنامج (جمع الشمل) وهو نوع من اعادة دمج الطفل في وسطه الطبيعي بعد تصفح مسببات هروبه منه وامكانية العودة اليه.
ان اصلاح وضعية الطفل المغربي المهشم نفسيا والمهمش اجتماعيا والمنبوذ انسانيا يتطلب انخراط كل المؤسسات الاجتماعية والتربوية والاعلامية وكافة القوى الحية في المجتمع لأجل توفير نظام اجتماعي قائم على اساس تطوير برامج مكافحة الفقر وتفعيل الية لرصد اطفال الشوارع المعرضين لخطر العنف والاستغلال وذلك:
- بالتدخل المبكر لحماية الاطفال واسرهم من كل انواع العنف والاستغلال وخصوصا الاطفال ضحايا الاسر المفككة.
- انشاء مراكز لتأهيل اطفال الشوارع وتحسين وضعيتهم النفسية والتعليمية والمهنية.
- انشاء مراكز اجتماعية للرعاية الخاصة بأطفال الشوارع مؤطرة بأخصائيين اجتماعيين للعناية بهم ومناقشة مشاكلهم وحلولها بتنسيق مع مؤسسات الرعاية الاجتماعية حتى يتم اعادة ادماج طفل الشارع في وسطه الطبيعي (الاسرة) او وسطه المهني والمجتمعي.
- تفعيل دور الاعلام والوسائط الحديثة لزيادة وعي المجتمع وتحريك الراي العام حول هذه الظاهرة واهمية مكافحتها.
ذ. محمد بادرة

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News