
أسماء الأماكن والشوارع والفضاءات بأكادير : معايير الاختيار
- الحسين بويعقوبي //
أعادت هذه الرسالة الموجهة لرئيس جماعة أكادير بخصوص تسمية بعض فضاءات المدينة بأسماء يهودية مغربية النقاش من جديد حول معايير ومبادئ وكيفية اختيار تسميات الشوارع والأزقة والساحات والفضاءات الثقافية والرياضية والاجتماعية بالمدينة، ومستقبلا مداراتها وأنفاقها… وخصوصية هذه الرسالة كونها، أول من أشار بشكل مباشر لأسماء مغاربة يهود، لكن في المقابل حددت بالاسم الشوارع المراد تغيير أسمائها (علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد).
وإذا كان المطلب في حذ ذاته عادلا ومشروعا لأنه يعزز احترام الدستور المغربي الذي يعترف بالرافد العبري ضمن الروافد والمكونات المشكلة للهوية المغربية، فإن تحديد أسماء محددة لتغييرها يحول النقاش من “مطلب مشروع”، له مسوغاته الثقافية والتاريخية والدستورية، إلى فتح جبهة مواجهة مع تيارات سياسية وحتى عدد من المغاربة يحظى لديها الاسمان المذكوران بالتقدير والاحترام.
وعليه، فطلب تسمية بعض فضاءات مدينة أكادير بأسماء شخصيات وأعلام يهودية مغربية لن يختلف عليه ديمقراطيان إثنان، خاصة وأن بعضها قدمت خدمات جليلة لمدينة أكادير، وللوطن عموما، لكن لابد من فتح نقاش عمومي للتوافق على المبادئ الكبرى والعامة المؤطرة لهذا الاختيار، بدون تمييز لا بسبب اللون أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي … أذكر بعضها :
المبدأ الأول :
-الاعتراف بأن الأسماء الأمازيغية هي الأكثر تضررا من الاختيارات السابقة في تسمية شوارع وفضاءات وتجزئات وإقامات المدينة، خصوصا بعد زلزال 1960. فالأحياء التي تحمل اليوم أسماء من قبيل (الداخلة، الهدى، المسيرة، التمديد، القدس،ليراك، ليزاميكال، صونابا، أكادير باي،…) لها أسماؤها المحلية ذات حمولات تاريخية وثقافية أمازيغية، لكن لم تؤخذ بعين الاعتبار.
كما أقصيت أسماء شخصيات فنية وأكاديمية ونضالية قدمت الشيء الكثير لهذه الثقافة. ولم يظهر الوعي بهذا الأمر إلا مؤخرا وبدأنا نسمع إطلاق بعض الأسماء ذات العلاقة بالثقافة الأمازيغية، لكن لازال الأمر محتشما. في فرنسا مثلا، 24 بلدية أطلقت إسم المغني الأمازيغي معطوب الوناس، على فضاء عمومي.
المبدأ الثاني :
تعج مدينة أكادير وسوس بأسماء شخصيات (رجالا ونساء) قدمت الشيء الكثير للوطن في مختلف المجالات (الثقافة والرياضة والسياسة والاقتصاد والتعليم والبحث العلمي،…) يجب أن يحتفى بها من خلال إطلاق أسمائها على الفضاءات لتخليد أسمائها وجعلها تنتقل بين الأجيال.
المبدأ الثالث :
أسماء الشخصيات الوطنية، بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع اختياراتها ومواقفها، في زمن معين، يمكن أن تجد لنفسها مكانا في فضائنا العمومي، بناء على مبررات مقنعة، ويجب أن تنتمي تاريخيا لمختلف الفترات التاريخية منذ “إيغود” إلى اليوم.
المبدأ الرابع :
تعتبر مدينة أكادير مدينة مفتوحة على العالم، وتربطها علاقات مع مختلف أنحاء العالم، وقدم لها أجانب كثر عدة خدمات، في مختلف المجالات،..وهو ما يجعل فضاءاتها العمومية خير مكان لتخليد أسماء بعض الشخصيات الأجنبية، لما قدمته من خدمات إما لأكادير أو للمغرب عموما، أو للإنسانية جمعاء في مختلف المجالات. فمثلا من منا يعرف اليوم أن ملك بلجيكا ساهم في إنشاء حديقة في أكادير لا تحمل اسمه لكن تسمى إبن زيدون.
معايير اختيار الفضاء في حذ ذاته (شارع كبير أم زنقة في حي، ساحة عمومية أم مركب ثقافي،…) تحتاج بدورها لنقاش عام وتوافق مجتمعي، لأن الهدف الأسمى من العملية هو احترام الهوية الثقافية لمدينة أكادير، المتجذرة في محيطها الثقافي، والمنفتحة على العالم، أي الانتقال من المحلي إلى الكوني.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News