أحلام معلقة في أفق العبث..
- حسن كرياط//
كلما حاولنا الهروب بخيالنا من قيود الواقع المليء بالتناقضات، وجدنا أنفسنا عالقين في دائرة عبثية لا نهاية لها، حيث تُغتال الحقيقة على مذبح الوهم، ويبتلعنا الزمن بلا هوادة، دون أن يمنحنا لحظة نقاء. نستحضر في داخلنا عالمًا نقيًا، بلا جغرافيا متعصبة ولا تاريخ ملوث بالأهواء، عالمًا يستند إلى الإيمان الصادق بالله، بعيدًا عن طقوس فارغة تحولت إلى عادات خاوية لا روح فيها.
نعيش زمنًا انقلبت فيه القيم رأسًا على عقب. صار الزيف مهارة، والتفاهة ثقافة، والنفاق وسيلة للصعود. الحقيقة تُقدَّم لنا مشوهة، والكلمات تفقد معانيها، حتى أصبحت اللغة أداة لتبرير العبث، بدلًا من أن تكون وسيلة لبناء الوعي.
أحلامنا اليوم لا تموت، لكنها تبقى معلقة، كطيور محطمة الأجنحة. نسعى لتحقيق إنجازات تُعلق على الجدران، لا لفتح أبواب المعرفة، بل لتُضاف إلى قوائم الانتظار الطويلة. أصبح الإنجاز وهمًا، مشروطًا بمعايير مختلة تقوم على العلاقات والنسب والولاءات. أما التميز، فهو محض صدفة لا علاقة له بالكفاءة، فمن كان قريبًا من دائرة النفوذ ارتقى، ومن لم يكن، قُذف إلى الهامش، بلا صوت أو أثر.
وسط هذا العبث الذي يخنق أرواحنا، كيف يمكننا الاستمرار في الحلم؟ وكيف نصمد أمام واقع يسحقنا يوميًا؟ ربما تكمن الإجابة في الإصرار على الحلم، حتى لو بدا مستحيلًا أو مؤجلًا. ففي الحلم وحده نجد معنى للفراغ القاتل، ونكتشف بصيص أمل في مواجهة هذا التيه.
الحلم ليس رفاهية بل ضرورة، هو البوصلة التي تُعيد توجيه ذواتنا المفقودة وسط ضياع الحقيقة وكثرة الأسئلة. في هذا العصر المتسارع، الذي ألقى بنفسه في أحضان التفاهة دون وعي، يبقى الحلم رفيقنا الوحيد في رحلة البحث عن المعنى والهوية الإنسانية.
في الحلم نكتشف الخلاص من الوهم والزيف، ونجد فلسفة جديدة لحياة تستحق أن تُعاش، بعيدًا عن الابتذال الذي أصبح عنوانًا لهذا الزمن. فإلى أين نمضي في ظل هذا الواقع؟ ربما لا إجابة واضحة، لكن استمرار الحلم هو مقاومتنا الصامتة ضد عبثية هذا العالم.
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News