
آمنة بوعياش : إن الجني الجماعي والسليم والآمن لثمار نظم الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المتقدمة يتطلب حكامة دولية مشتركة..
السيدة آمنة بوعياش رئيسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في كلمة افتتاحية بمناسبة انعقاد مؤتمر دولي حول ”الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان الفرص والمخاطر والرؤى لمستقبل أفضل“.
نص الكلمة :
كان بودي أن أكون معكم وبينكم خلال يومي مؤتمرنا، قبل أن يتعذر علي الحضور شخصيا.
موضوع جمعنا اليوم، راهني دون شك، زخمه كبير، وتطوراته متسارعة، تؤثر في كامل مناحي الحياة.
لن نختلف في تقدير، أننا نعيش اليوم زمن حاسم، ثورة قائمة، ومفترق طرق جديد في تاريخ تطورنا البشري.
الفضاء الرقمي، التكنولوجيات المتطورة، ونظم الذكاء الاصطناعي تعيد تشكيل عالمنا وتؤثر بعمق في حياتنا، وفي تدبيرنا اليومي، إنه مجال يثير نقاشات ومبادرات وانشغالات، تؤكد أن الابتكار اليوم هو وقود خدمات ذكية، بجودة وفاعلية.
لا يكاد يمر يوم دون اكتشاف هنا، وابتكار جديد مذهل هناك، بشكل يجعلنا نتأمل بعمق ونسائل الممكن اليوم…
الفرص هائلة… لكن أيضا الفوارق مذهلة، بين دول يستفيد مواطنوها أو يمكن أن يستفيدوا في المنظور القريب من زخم هذا التقدم وأخرى تلتمس طريقها وثالثة تبقى إلى حدود اليوم خلف هذا الركب.
مخاطر وتهديدات حقيقية ومعاشة، تهدد حقوقا وحريات ومسارات وأحيانا جوهر كرامة الإنسان.
قبل أيام قليلة صدر تقرير جديد عن المنظمة العالمية للشغل، تفيد واحدة من خلاصاته الرئيسية أن نظم الذكاء الاصطناعي تهدد وظائف النساء بشكل أكبر من تلك التي يشغلها الرجال.
تحيزات تكون أحيانا متأصلة في النظم وفي مصمميها وفي القائمين على تدريبها؛
استهداف الفئات الهشة، النساء والفتيات، ولنا في التزييف العميق الإباحي، الذي سنتناوله في نقاشات مؤتمرنا، خير مثال على ذلك؛
نظم تهدد حرية التعبير والرأي والخصوصية ومعايير تعرض حق التجمع السلمي للخطر؛
وخوارزميات تفرض علينا تضليلا أسرع وأسهل وأنجع
تهدد الحق في الوصول المعلومات والاختيارات الانتخابية والمسارات الديمقراطية…
هذه الانشغالات، أصحاب السعادة، السيدات والسادة، ليست مخاوف نظرية، بل واقع معيش، بالنسبة لأكثرنا، هشاشة.
كفاعلين في مجال حقوق الإنسان، لسنا عقبة، ولا نريد أن نكون عقبة تعيق التقدم التكنولوجي. لكننا نريد، أن تكون نظم هذا الذكاء الاصطناعي والخوارزميات مصممة لحماية الإنسان والنهوض بالبشرية والحقوق.
إن القانون الدولي لحقوق الإنسان، الذي أعتبره من بين أهم ما توافقنا وتوفقنا في بلورته وتطويره، ليس عائقًا لهذا الابتكار، بل هو إطار عالمي يضمن استفادة الجميع…
الابتكار لم يعد اليوم اختيارا، بل حاجة وضرورة ملحة
وكذلك هي الحقوق والحريات، احترامها ليس اختياريا… فهي جوهرية وغير قابلة للتفاوض.
إن الجني الجماعي والسليم والآمن لثمار نظم الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المتقدمة يتطلب حكامة دولية مشتركة، تقوم على فعلية احترام الحقوق وتكريسها.
لا تكتفي المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان فقط بتقديم الرأي والاستشارة للحكومات والفاعلين، فيما يرتبط باستخدامات الذكاء الاصطناعي والسياسات المرتبطة به، بل ترصد أيضا أثره وانعكاساته على فعلية الحقوق، نستقبل ونعالج شكايات ترتبط باحتمالات مس نظمه للحقوق والحريات…ونترافع من أجل الضمانات والإنصاف.
GANHRI، وشبكاتها الإقليمية تعزز هذا الصوت الجماعي وهذا الترافع إقليميا وأمميا… لتكون حقوق الإنسان في التصميم والتدريب وغايات هذه النظم، التي نريدها أن تكون الحقوق جوهرها Human Rights by design.
بذلك نجدد دعوتنا للفاعلين في المجال لتسليط الضوء على اثر الفضاء الرقمي ونظم الذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان بما فيه العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تيسره التكنولوجيا وانتهاكات الخصوصية والتمييز وخطاب الكراهية والتحريض على العنف وعوائق الولوج المتساوي للحقوق.
مواضيع ومحاور وغايات ستتطرق إليها أشغال هذا المؤتمر، الذي يسعدنا في گانري أن نكون من الهيئات التي ترعاه.
شكرا مجددا للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر التي تستضيفنا. وشكرا لشركائنا.
إنني لعلى يقين أن الكفاءات المجتمعة في هذا المؤتمر ستنير عتمات نظم الذكاء الاصطناعي ذات الصلة بحقوق الانسان

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News