الرأيالمجتمع

عقلية المؤامرة..؟!

  • بقلم: المكي بوسراو //

     لماذا تنتعش عقلية المؤامرة في عصرنا ؟ و ما علاقة ذلك بالديمقراطية؟ بعيدا عن السياسة التي تعج بحيل المؤامراة و بمكر المتآمرين، أود أن القي الضوء على هذه الظاهرة من منظور مغاير يستحضر اللاوعي الجمعي ومدى تأثيره على مواقف الأفراد و سلوكاتهم، و يكشف عن الخلفيات المستترة وراء أفعالهم تلك. 

     إن الانسان الذي يعيش الرفاهية لا بد أن يتخيل أن هناك من يهدد راحته وطمأنينته. فالطبيعة البشرية تميل بطبعها إلى الخوف وإلى التوجس. ويزداد هذا الإحساس كلما كانت للناس مكاسب يخافون عليها من الضياع. مما يدفعهم حتميا إلى الاحتماء بلباس الضحية: ضحية يتآمر عليها الآخرون ويريدون بها شرا. وحتى لو لم تكن هناك مؤامرة ، فمن الضروري خلقها واصطناعها و لا بد من ادعاء أن المتآمرين يتربصون بنا و يريدون سلب حقوقنا وحرياتنا . وهكذا يحلق خيال الناس بعيدا لاختلاق مؤامرات و حبك قصص لا علاقة لها بالواقع. إنها تعبير عن هوس أو خوف أو توجس.  

   إن ما توفره الديمقراطية من حقوق كالحق في الأمان والحق في المساواة والحق في الملكية والحق في الحرية، تجعل الناس يتشبثون بهذه الحقوق ولا يحتملون فقدانها، إنهم يتعاملون معها كمكتسبات سرمدية. مما يولد لديهم إحساسا بالخوف: الخوف من فقدان تلك المكتسبات. وهذا الخوف أو الشعور بالفقد هو الذي يغذي عقلية المؤامرة: تتخيل دوما بأن هناك من يتربص بك ومن يسعى إلى الاعتداء على ملكيتك وحريتك. 

إن الناس يبحثون باستمرار عن توازن نفسي مفقود، وبذلك تجدهم يقومون بإسقاط ما بدواخلهم على الآخرين، فينظرون إليهم كمتآمرين يتربصون بهم وبمكتسباتهم السالفة الذكر. فإحساسهم بالخوف يدفعهم إلى التشكيك في نوايا الآخرين ويغذي لديهم الحيطة والحذر منهم باعتبارهم أشخاصا يهددون مصالحهم.

والطريق السهل لتحقيق الراحة النفسية والطمأنينة الداخلية هي التهرب من مواجهة الذات واسقاط كل مشاعرنا السلبية عليهم. إنهم بذلك يتخلصون، او بالأحرى يعتقدون أنهم سيتخلصون، من عبئ ثقيل ومن جروح نفسية عميقة تؤلمهم. إذ حين نلقي باللائمة على الغير نشعر براحة داخلية تعفينا من المسؤولية ومن محاسبة الذات.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى