
دراسة: هكذا ينظر المغاربة الى الفساد
كشفت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، اليوم الأربعاء 06 دجنبر 2023، عن نتائج البحث الوطني حول الفساد الذي دأبت على إنجازه بالموازاة مع تقريرها السنوي، مبرزة أن الفساد يحتل المرتبة السادسة ضمن انشغالات المغاربة القاطنين بعد جودة الخدمات الصحية والرعاية (56 في المائة)، والقدرة الشرائية وتكلفة المعيشة (50 في المائة)، والتوظيف والبطالة (46 في المائة)، والمرتبة الثالثة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج.
وتوصلت الهيئة، في تقريرها السنوي 2022 الذي قدمته اليوم الأربعاء بالرباط، إلى أن الفساد يشكل مصدر قلق أكبر بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج مقارنة مع المواطنين القاطنين بالمغرب، حيث اعتبر 17 في المائة من المواطنين القاطنين أن الفساد يشكل أحد انشغالاتهم الرئيسية الثلاث، في حين يصل هذا المعدل إلى 33 في المائة بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج.
بينما من بين انشغالات المغاربة المقيمين بالخارج، يضيف التقرير، يحتل الفساد مع المخاوف المرتبطة بالبطالة والتوظيف المرتبة الثانية بعد جودة خدمات الصحة والرعاية (53 في المائة).
وأشار التقرير السنوي للهيئة الذي يتضمن نتائج البحث الوطني للفساد، إلى أن الفساد يحتل المرتبة الخامسة من بين العوامل الكامنة وراء هجرة المغاربة المقيمين بالخارج حيث ذكر بنسبة 5 في المائة، بينما يبقى السببان الرئيسيان للهجرة هما تحسين الظروف المعيشية (79 في المائة) والبحث عن عمل (69 في المائة).
كما يرى المغاربة المقيمون بالخارج أن الفساد (63 في المائة) وتعقيد الإجراءات الإدارية (67 في المائة) هما العائقان الرئيسيان اللذان يمنعانهم من الاستثمار في المغرب، وفق نتائج البحث.
وحول مدى معرفة المواطنين المغاربة بمختلف أشكال الفساد، أظهرت نتائج البحث الوطني أن كل المواطنين سواء القاطنين في المغرب أو خارجه على معرفة جيدة بأشكال الفساد، مشيرة إلى أن ثلاثة من هذه الأشكال معروفة بشكل خاص من طرف الفئتين، ويتعلق الأمر بكل من الرشوة، والفساد الانتخابي واستغلال النفوذ والسلطة.
انتشار واسع للفساد
من جهة أخرى، يعتقد المواطنون القاطنون أن الفساد منتشر في المغرب بنسبة أعلى مقارنة بالمغاربة الذين يعيشون في الخارج؛ إذ يعتقد حوالي ثلاثة أرباع من المواطنين القاطنين (72 في المائة) أن المستوى العام للفساد في المغرب واسع الانتشار (21 في المائة) أو شائع جدا (51 في المائة)، بينما في حالة المغاربة المقيمين بالخارج، فإن ما يقارب الثلثين (65 في المائة) يعتقدون أن الفساد واسع الانتشار (33 في المائة) أو شائع جدا بالمغرب (32 في المائة).
وفي ما يتعلق بتجارب المواطنين مع حالات الفساد، صرح مواطن من بين أربعة أنه سبق وتعرض هو أو شخص من أسرته على الأقل لإحدى حالات الفساد خلال الفترة المرجعية للبحث، وهم ذلك قطاعات مختلفة من بينها الدرك، والنقل، والشرطة، والصحة في القطاع العام، والعدالة، والإسكان، والتعمير والعقار في القطاع الخاص، والقيادات والباشويات.
أما في ما يتعلق بأسباب الفساد، فقد لخصتها الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في الرغبة في الثراء السريع، وبطء الإجراءات، وانعدام روح المواطنة وضعف الوازع الأخلاقي، وتعقيد الإجراءات، وضعف الأجور، والفقر، وانعدام الرقابة، والمحاسبة، وفق تصريحات المشاركين، مبرزة، في المقابل، أن الإدراك انصرف إلى اعتبار اللامساواة الاجتماعية وإفقار الدولة واللامساواة في توزيع الثروات وتراجع القدرة الشرائية والفقر، آثار ضارة لتفشي الفساد.
مجهودات غير كافية
وتوصلت الهيئة من خلال بحثها الوطني إلى أن التبليغ عن هاته الحالات أو تقديم شكايات يبقى ضعيفا جدا، على خلفية التهوين من الفساد وانتشاره، وعدم جدوى تقديم شكاية أو تبليغ، والخوف من الانتقام المحتمل.
أما في ما يتعلق بجهود الدولة في محاربة الفساد والوقاية منه، توصلت نتائج البحث الوطني إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين ترى أن المغرب بدل مجهودا كبيرا أو كافيا في مكافحة الفساد، مشيرة، في المقابل، إلى أن هاته المجهودات تبقى غير كافية بما في ذلك الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
ويرى المواطنون، وفق معطيات التقرير، أن تطبيق القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد وتربية وتوعية المواطنين حول الفساد وتعزيز المراقبة والتفتيش وتسهيل التبليغ على أعمال الفساد وحماية المبلغين والشهود، هي أهم الإجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد بشكل فعال في المغرب.
إضعاف دينامية التنمية
وخلصت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها إلى أن التداعيات الوخيمة للفساد تساهم في إضعاف دينامية التنمية، وإعاقة بنيات الإنتاج، وتعميق الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية، بما يساهم في جعل تطور الاستثمار لا يرقى، لا كميا ولا نوعيا، إلى مستوى الإمكانيات الحقيقية للبلاد، وفي عرقلة نموذج إنتاجية الشغل، والرفع من التكاليف، وترسيخ الاقتصاد غير المهيكل، وإشاعة مظاهر اقتصاد الريع، وتفكيك مقومات التماسك الاجتماعي عبر تنامي التفاوتات الاجتماعية والمجالية.
وأكدت أنه بعد استقرار مختلف المؤشرات التي تم من خلالها رصد وضعية الفساد في المغرب خلال سنة 2022، يتأكد توازي الوضع المتفاقم للفساد مع التراجعات المسجلة في مجموعة من التقارير الدولية، بخصوص الحقوق السياسية والمدنية، وسيادة القانون، وحقوق المشاركة في إعداد وتنفيذ الميزانية، وضعف الفعالية القضائية، بما جعل منظمة الشفافية الدولية تنبه إلى العلاقة الجدلية التي يمكن أن تحدث، تأثيرا وتأثرا، بين الفساد وانعدام الأمن والاستقرار بالمفهوم الواسع.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News