
المرأة النقابية المغربية بمناسبة فاتح ماي 2025 : لا للتمييز في الأجور وفي الحقوق
أخواتي الموظفات، أخواتي العاملات، أخواتي الأجيرات
أيتها المرأة المغربية المناضلة، رمز الصمود والعطاء
في ذكرى فاتح ماي، اليوم الذي نستلهم فيه نضالات الطبقة العاملة، ونستحضر فيه تضحياتها الجسام من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية، يرتفع صوتنا مدويا باسم المرأة النقابية المغربية… هذا الصوت الذي ما انفك يصدح بالحق، ويطالب بالإنصاف، ويدافع عن كرامة كل أخت لنا، عاملة كانت أو موظفة أو أجيرة أو ربت بيت.
إننا نحيي هذا اليوم الأممي في سياق اقتصادي واجتماعي يكتنفه الكثير من التحديات والصعاب. فبينما نخلد مكاسب الشغيلة، نجد أنفسنا مجبرين على الوقوف بأسى على واقع لا يزال يثقل كاهل الأسر المغربية، واقع يتسم بتدهور القدرة الشرائية بفعل الغلاء المستفحل، وارتفاع معدلات البطالة التي تهدد استقرار الكثير من البيوت.
أخواتي العزيزات، أيتها الأخوات المناضلات،
إن التراجع الممنهج عن المكتسبات، واستمرار الفقر والهشاشة الهيكلية، وتجاهل المطالب العادلة للشغيلة، وعلى رأسها تحسين مدونة الشغل بما ينصف المرأة العاملة ويحمي حقوقها، لهو أمر يثير قلقنا العميق. كما أن قانون الإضراب بصيغته الحالية لا يبشر بخير، وينبئ بتقييد حق دستوري مكفول.
إن المرأة المغربية هي المتضرر الأكبر من هذه الأوضاع المزرية. فهي التي تتحمل العبء الأكبر في تدبير شؤون الأسرة في ظل هذه الظروف الصعبة، وخاصة تلك التي تعيل أسرتها بمفردها. إن صمت الحكومة وعجزها عن تقديم تحفيزات مادية ومعنوية للمرأة العاملة لهو أمر مستغرب وغير مقبول. فالمرأة العاملة هي صمام الأمان في استقرارنا الاقتصادي والاجتماعي.
إليكن نتحدث، يا من تعانين في صمت، يا من تعملن في ظروف صعبة يسودها الظلم وغياب المساواة في الأجر، ويا من تنتهك حقوقكن المنصوص عليها في مدونة الشغل الهشة أصلا. يا من تطردن تعسفا دون وجه حق، وتتركن لمصير مجهول يضاف إلى أعباء الحياة.
إن النهوض بأوضاعكن ليس مجرد مطلب فئوي، بل هو ركيزة أساسية في مفهوم الدولة الاجتماعية الذي نتطلع إليه. ولكن، مع الأسف الشديد، تبدو الحكومة بعيدة كل البعد عن هذا المفهوم، وتسن تدابير لا ترقى إلى تطلعات الشغيلة المغربية.
أخواتي الموظفات والأجيرات،
إن مفهوم التمكين الاقتصادي للمرأة لا يجب أن يقتصر على مجرد أرقام وإحصائيات جوفاء. إن التمكين الحقيقي يتجسد في تحسين مستوى عيش الأسر، وحل مشاكلها الاجتماعية المتعددة الأبعاد
فكيف لنا أن نتحدث عن التمكين الاقتصادي لامرأة موظفة في القطاع العام وهي تعاني الأمرين خلال فترات الرضاعة وتربية الأطفال بسبب غياب الحضانات الكافية والمجهزة ؟
– كيف لها أن تحقق التوازن بين مهامها المهنية وواجباتها الأسرية في ظل غياب الدعم والتسهيلات ؟
– وكيف نقبل باستمرار التمييز في الأجور بينها وبين زملائها الرجال عن نفس العمل وبنفس الكفاءة وخاصة بالقطاع الخاص وبالضيعات الفلاحية ؟
– وأي منطق إنساني أو قانوني يقضي بحرمان أبنائها من معاشها بعد وفاتها ؟
– وأي عدل يكمن في حرمانها من ولوج المناصب العليا، في تعارض صارخ مع المقتضيات الدستورية التي تؤكد على السعي نحو المناصفة في الولوج إلى مراكز القرار؟
أخواتي العاملات والأجيرات في القطاع الخاص والقطاع غير المهيكل،
إن معاناتكن تزداد حدة مع تفاقم الغلاء وضرب القدرة الشرائية للأسر الفقيرة. فالخروقات التي تطالكن من تشغيل ليلي، وتشغيل الحوامل والمرضعات في عطلة الأمومة، وغياب التغطية الصحية الإجبارية، وعدم التصريح بكن من لدن المشغلين، والطرد الممنهج بسبب الانتماء النقابي، لهي وصمة عار على جبين من يتجاهلون حقوقكن.
وكم هي قاسية تلك الظروف التي تجبر الكثير منكن على الاشتغال في القطاع غير المهيكل، دون أي ضمانات أو حقوق، وتحت إكراه الحاجة والهشاشة، حيث تغيب أبسط شروط العمل الكريم والتغطية الاجتماعية التي تحفظ كرامتكن وصحتكن.
إن ما حدث في معمل طنجة من تعسف وغيره، وظروف اشتغال العاملات في الزراعة، وخاصة عاملات الفراولة اللواتي يعملن في ظروف تغيب فيها المراقبة والرقابة على ظروف عملهن، وما يتعرضن له من مختلف أنواع الاستغلال، وخاصة محاولات الاستغلال الجنسي وكل أشكال التحرش البشع، لهو أمر لا يمكن السكوت عنه.
ولا ننسى أخواتنا العاملات في شركة الكابلاج وشركات النظافة وغيرها ممن يكابدن الظروف الصعبة. وكم من امرأة تعاني في صمت من أجل توفير لقمة العيش لأطفالها، مرغمة على قبول شروط عمل مهينة وغير آمنة؟
إننا في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، نؤكد أن هذه الوضعية التي تعاني منها المرأة العاملة والمعيلة لأسرتها لم تعطها الحكومة الاهتمام اللازم. فبدلا من أن تنكب على إيجاد حلول جذرية واتخاذ إجراءات حقيقية كفيلة بالنهوض بأوضاع المرأة، انشغلت بقضايا أخرى، وحاولت طرح تعديلات لمدونة الأسرة بعيدة عن تمغربيت، ولا تجيب عن المشاكل الحقيقية للمرأة والأسرة المغربية.
أخواتي الفاضلات،
إننا في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، ونحن ندافع عن حقوق المرأة العاملة وعموم الشغيلة المغربية، نرى في استقرار الأسرة وتماسكها عاملا أساسيا للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. لذلك، فإننا نؤكد على ضرورة احترام مرجعية المغاربة في تعديل مدونة الأسرة، وإيجاد حلول واقعية لتنزيل نصوص المدونة وتفادي الإشكالات التي صاحبت التنزيل السابق من ارتفاع نسبة الطلاق والتفكك الأسري والاجتماعي.
وفي الختام، نحيي باسم كل امرأة نقابية مغربية، أخواتنا المناضلات في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الموظفة والعاملة في أرض فلسطين والمسجد الأقصى وأكنافه. ونؤكد على مواقف منظمتنا العتيدة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الرافضة لكل أشكال التطبيع، والمساندة لنضالات شعبنا الفلسطيني لتحرير فلسطين كل فلسطين، وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News