الاقتصاد

الحبار في خطر: منع الصيد جنوب سيدي الغازي لحماية دورة التوالد الطبيعية

  • متابعة : رحال الأنصاري//

في ظل تزايد القلق بشأن استدامة الموارد البحرية في السواحل المغربية، أعلنت السلطات المعنية اتخاذ قرار يقضي بمنع صيد الحبار (السيبيا) جنوب سيدي الغازي خلال فترة الراحة البيولوجية المخصصة للأخطبوط. ويأتي هذا القرار في سياق علمي دقيق يستند إلى خلاصات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، الذي كشف عن مؤشرات بيولوجية تؤكد دخول الحبار في فترة توالد حساسة تفرض اتخاذ تدابير حمائية صارمة.

المعطيات العلمية تفرض تدخلًا عاجلًا:

يشير المعهد إلى أن الحبار يتواجد بشكل مكثف في الجرف القاري بين طانطان وبوجدور، خاصة في مناطق قاعية ذات أعماق تتراوح بين 20 و100 متر. ويتميز هذا النوع البحري بدورة حياة قصيرة، حيث تتوالد معظم أفراده مرة واحدة قبل أن تموت. وتمتد فترة التبييض من مارس إلى يونيو، وهي الفترة التي يتجمع فيها الحبار بكثافة على مقربة من السواحل الضحلة.

وقد أكد الخبراء أن الاستمرار في صيد الحبار خلال هذه الفترة يؤدي إلى تقليص فرص التوالد الطبيعي، لا سيما عند استهداف الإناث الحاملات للبيض، مما يهدد بانخفاض المخزون في الأجيال القادمة.

ارتفاع الصيد وتراجع المخزون:

تُظهر الأرقام الحديثة أن الكميات المصطادة من الحبار ارتفعت بنسبة 81% بين عامي 2022 و2023، نتيجة المجهودات المتزايدة التي تستهدف هذا المورد البحري. وفي المقابل، سجلت حملات البحث العلمي انخفاضاً حاداً في وفرة الحبار، ما يشير إلى بداية تدهور محتمل إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة لتدارك الوضع.

ويُعد الحبار ثاني أهم نوع من الرخويات في المصايد الجنوبية بعد الأخطبوط، حيث مثل ما يقارب 35% من المصيد الإجمالي خلال العقد الأخير، ما يبرز أهميته الاقتصادية والبيئية في الوقت نفسه.

خطوة مؤقتة نحو تدبير شامل:

يرى المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري أن هذا القرار لا يمثل فقط استجابة لحالة بيئية مقلقة، بل يشكل خطوة انتقالية نحو وضع خطة وطنية شاملة لتدبير الرخويات. وتهدف هذه الخطة إلى تحقيق التوازن بين الاستغلال الاقتصادي والاستدامة البيئية، اعتماداً على معطيات علمية دقيقة وآليات مراقبة فعالة.

دعوات لدعم القرار وتوسيعه:

في ظل التحديات التي تواجه الثروات البحرية، يدعو المهنيون والباحثون إلى دعم هذا النوع من القرارات، بل وتوسيعه ليشمل مراحل مختلفة من دورة حياة الأنواع البحرية الأخرى، وذلك لضمان استمرار النشاط البحري دون الإضرار بالمنظومات البيئية الهشة.

خلاصة:

منع صيد الحبار جنوب سيدي الغازي خلال فترة حرجة من دورة حياته يمثل إجراءً علمياً ضرورياً يندرج ضمن منطق الحفاظ على الثروات البحرية. وهو دعوة صريحة لإعادة التفكير في أنماط الاستغلال الحالية، والانخراط في تدبير بيئي يوازن بين حاجات الإنسان وحقوق الطبيعة في الاستمرارية.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى