التسول في الأماكن العامة بالمغرب: ظاهرة تهدد تنظيم الفعاليات الدولية والعدالة الاجتماعية
- شاشا بدر //
شهد المغرب في السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة التسول بشكل لافت في أماكن متعددة مثل القطارات، المقاهي، الطرق العامة، الشوارع، المحطات، والأحياء. هذه الظاهرة، التي أصبحت مألوفة للمواطنين والزوار، قد تتخذ أشكالًا متنوعة، منها التسول الصريح والتمثيل على الناس بهدف استغلالهم. كما يمارس بعض الأشخاص التسول كحرفة، مستغلين حاجة البعض أو عطفهم، ليتمكنوا من سلب الأموال بطرق فنية ومخادعة. وهذا يؤدي إلى ظواهر سلبية تؤثر على المجتمع وتستنزف الموارد المخصصة لدعم المحتاجين الحقيقيين.
مع اقتراب تنظيم كأس العالم أو كأس الأمم الإفريقية في المغرب، أصبح من الضروري أن ننتبه لهذه الظواهر التي قد تؤثر على التنظيم والتصور العام للبلد أمام الزوار. التسول في الأماكن العامة قد يساهم في صورة سلبية عن المغرب، مما يعكر صفو الفعاليات الدولية التي تستقطب أنظار العالم. في هذا السياق، يتعين التفكير في حلول جذرية لمكافحة هذه الظاهرة وضمان أن الدعم الاجتماعي يذهب إلى مستحقيه.
أسباب انتشار ظاهرة التسول
من الأسباب التي ساهمت في تفشي ظاهرة التسول في الأماكن العامة تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة والفقر. قد يكون البعض مضطرًا للجوء إلى التسول لتلبية احتياجاتهم اليومية، بينما يقوم آخرون باستغلال هذا الوضع للحصول على المال بطرق غير شريفة، فيمارسون التسول كحرفة. في بعض الحالات، يقوم الأشخاص بالتمثيل على المواطنين والزوار، مما يخلق صورة مغلوطة عن حاجة هؤلاء الأفراد، ويستغلون عاطفة الناس.
تزايد هذه الظاهرة في الأماكن العامة يهدد استقرار المجتمع وقد يؤثر على آلية توزيع الدعم الاجتماعي. في ظل غياب رقابة صارمة على هذه الظاهرة، قد يُسمح لبعض الأشخاص المحترفين في التسول بالاستفادة من الدعم المخصص للمحتاجين الحقيقيين.
أثر التسول على تنظيم الفعاليات الدولية
مع اقتراب تنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى مثل كأس العالم أو كأس الأمم الإفريقية في المغرب، قد يكون لهذه الظاهرة تأثير سلبي على سمعة البلاد. فالتسول في الأماكن العامة مثل محطات القطار والمقاهي، خصوصًا إذا كانت هذه الأماكن تشهد حضور الزوار الأجانب، قد يترك انطباعًا غير مرغوب فيه لدى الزوار.
قد تساهم هذه الظاهرة في التأثير على النظام العام وتشكيل صورة سلبية حول البنية التحتية والخدمات العامة في المغرب. وبالنسبة للزوار الذين يأتون للاستمتاع بالأجواء الرياضية والثقافية، فإن رؤية التسول المنتشر قد تؤثر على تجربتهم وتدفعهم للتساؤل عن فعالية الجهود الحكومية في تحسين الوضع الاجتماعي في البلاد.
ضرورة تنظيم الدعم الاجتماعي والتحقق من حالات الحاجة
من أجل مواجهة هذه الظاهرة والتأكد من أن الدعم الاجتماعي يصل إلى مستحقيه، يجب على السلطات المحلية اتخاذ إجراءات صارمة تتضمن إنشاء بطاقات خاصة توثق الحالة الاجتماعية للأفراد الذين يطلبون الدعم. يمكن لهذه البطاقة أن تساعد في تصنيف المحتاجين بناءً على واقعهم المعيشي، مما يسهل عملية توزيع المساعدات. يجب إجراء عمليات تدقيق للتحقق من الحالات الاجتماعية للأفراد الذين يمارسون التسول. فوجود قاعدة بيانات تحتوي على معلومات دقيقة عن الأشخاص الذين يحصلون على الدعم الاجتماعي يساعد في تحديد ما إذا كانوا فعلاً في حاجة أم أنهم يستغلون الوضع لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
التسول كحرفة: كيف يمكن مواجهته؟
التسول كحرفة أصبح يشكل تهديدًا للمجتمع المغربي. لذلك، يجب أن تكون هناك سياسات وممارسات واضحة لمكافحة هذه الظاهرة، من خلال تعزيز حملات التوعية، وتوفير برامج تأهيلية للفئات التي تمتهن التسول كوسيلة للعيش. ويجب أن تشمل هذه السياسات أيضًا تقديم الدعم المالي والخدمات الاجتماعية للأفراد الذين يعانون من الفقر الشديد.
إضافة إلى ذلك، يجب أن تتعاون الجهات الأمنية مع المؤسسات الاجتماعية للتأكد من أن الدعم المالي المخصص للمحتاجين يذهب إلى الأشخاص الذين يعانون من ظروف قاسية ولا يستطيعون توفير احتياجاتهم الأساسية. كما يجب العمل على تحسين وسائل المراقبة في الأماكن العامة لضمان عدم استغلال التسول كحرفة.
التسول كفن وخداع
في بعض الحالات، يستخدم بعض المتسولين تقنيات فنية أو أساليب تمثيلية لإقناع الناس بحاجتهم الماسة للمال. في هذا السياق، يصبح التسول ليس فقط وسيلة للعيش، بل أيضًا نوعًا من أنواع الخداع والفن، حيث يمكن أن يكون الشخص الذي يطلب المال ليس في حاجة حقيقية، بل يستغل حاجة الناس وعطفهم للحصول على أموال بسهولة. هذه الممارسات تضر بالذين يحتاجون فعلًا للمساعدة، وتؤثر سلبًا على ثقافة التكافل الاجتماعي.
إن ظاهرة التسول المنتشرة في الأماكن العامة في المغرب أصبحت تشكل تحديًا كبيرًا يحتاج إلى حل سريع وفعال. يجب أن تُتخذ تدابير لمكافحة هذه الظاهرة بما يضمن توزيع الدعم الاجتماعي بشكل عادل وفعّال على مستحقيه. كما يجب أن يتم التركيز على توفير فرص عمل حقيقية، وتوفير تدريب للفئات الفقيرة لكي لا يكون التسول خيارهم الوحيد.
من خلال الاستفادة من التكنولوجيا، مثل إنشاء بطاقة الحاجة، يمكن متابعة الحالات الاجتماعية بشكل دقيق وتحديد من يحتاجون فعلاً إلى الدعم. هذا سيسهم في تحسين صورة المغرب على المستوى المحلي والدولي ويعزز من فرص نجاح الفعاليات الرياضية الكبرى مثل كأس العالم وكأس الأمم الإفريقية في المستقبل.
- بدر شاشا باحث جامعي
تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News