المغرب اليوم

استطلاع يفضح تنامي السلوك المدني السلبي لدى المغاربة من الغش والتسول والمضايقات في الفضاء العام..

توصل الموقع بنتائج دراسة استطلاعية للمركز المغربي للمواطنة بعد إجرائه استطلاع للرأي، بمناسبة سعي المغرب إلى تعزيز جاذبيته السياحية واستعداده لاحتضان تظاهرات رياضية عالمية كبرى.. ننشر الدراسة كاملة من اجل المساهمة في التوعية المجتمعية وتعميما لفائدتها عموما

الدراسة الاستطلاعية :

  • السياق العام وأهداف الدراسةالاستطلاعية:

شهد المغرب خلال العقود الأخيرة تحولات عمرانية واجتماعية كبيرة، نتيجة تزايد عدد السكان، واتساع رقعة التمدن، وارتفاع معدلات الهجرة من القرى نحو المدن والمراكز الحضرية. وقد ساهمت هذه التغيرات في إعادة توزيع السكان على المستوى الوطني، وأثرت بشكل عميق في البنية الاجتماعية، خاصة من حيث أنماط العيش وأساليب التفاعل داخل الفضاءات العمومية، وكذا مفاهيم العيش المشترك

تزامن هذا التحول مع تراجع ملحوظ في العلاقات الاجتماعية التقليدية التي كانت تسود داخل المجتمعات المحلية، حيث ضعفت قيم التضامن وآليات الرقابة الاجتماعية داخل الأسر والجماعات، لتحل محلها علاقات يغلب عليها الطابع الفردي والتباعد الاجتماعي. وقد انعكس ذلك على السلوك العام، حيث ظهرت أنماط جديدة يغلب عليها التوتر، وضعف روح الجماعة، وتراجع الالتزام بقيم الاحترام والانضباط في الفضاء العام.

استطلاع يفضح تنامي السلوك المدني السلبي لدى المغاربة من الغش والتسول والمضايقات في الفضاء العام.. - AgadirToday
الغش : زيت الزيتون

في هذا السياق المتغير، أصبح الفضاء العام مجالا للتنوع الثقافي والسلوكي، يجمع بين التقاليد المجتمعية الراسخة والتأثيرات القادمة من التحولات الاقتصادية والتكنولوجية والثقافة الاستهلاكية.  ولا تقتصر هذه التحولات على المظهر المادي للفضاء العام، بل تمس أيضا منظومة القيم والسلوكيات، خاصة ما يتعلق باحترام القوانين، وصيانة الممتلكات الجماعية، والتصرف الحضاري، والمشاركة في الشأن العام. فعدم التوازن بين سرعة التغيرات العمرانية وبطء التحولات السلوكية قد يؤدي إلى مظاهر سلبية مثل اللامبالاة، وضعف الانخراط المجتمعي، وتراجع الشعور بالمواطنة.

وفي هذا الاطار،  ومن أجل تسليط الضوء على واقع السلوك المدني لدى المغاربة في الفضاء العام من منظورهم الخاص، بادر المركز المغربي للمواطنة إلى إجراء استطلاع للرأي، خاصة في ظل سعي المغرب إلى تعزيز جاذبيته السياحية واستعداده لاحتضان تظاهرات رياضية عالمية كبرى، وعلى رأسها تنظيم كأس العالم سنة 2030. وتهدف هذه الدراسة إلى المساهمة في تطوير الوعي الجماعي بقيم المواطنة، من خلال رصد تمثلات المواطنين وممارساتهم اليومية، واقتراح آليات كفيلة بترسيخ ثقافة مدنية إيجابية تسهم في بناء مجتمع متماسك، مندمج ومسؤول.

  • المنهجية المعتمدة

أجرى المركز المغربي للمواطنة في الفترة الممتدة من 10 فبراير إلى 13 مارس 2025 استطلاعا للرأي حول السلوك المدني لدى المغاربة وذلك اعتمادا على استبيان إلكتروني مفتوح تم نشره عبر منصة فيسبوك وواتساب. وقد شارك في هذا الاستطلاع 1173 شخصا من مختلف الفئات العمرية يمثلون جميع جهات المملكة المغربية حيث عبروا عن آرائهم بشكل طوعي ومستقل.

يعد هذا الاستطلاع مؤشر نوعي يعبر عن توجهات شريحة معينة من المواطنات والمواطنين الذين تفاعلوا مع دعوة المشاركة دون أن يمثل بالضرورة التوجهات العامة للمجتمع المغربي ككل من الناحية الإحصائية أو الديمغرافية. ونظرا لاعتماد منهجية الاستبيان المفتوح عبر الإنترنت فإن العينة المشاركة تميل بطبيعتها إلى فئات أكثر استخداما للتكنولوجيا وأكثر تواجدا في الفضاء الرقمي وهو ما قد يفضي إلى تمثيل غير متوازن لبعض الفئات الأخرى مثل غير المتعلمين أو القاطنين في المناطق القروية والنائية.

كما ينبغي التأكيد على أن طبيعة الأسئلة المطروحة في الاستبيان قد لا تلامس بالضرورة واقع أو اهتمامات جميع فئات المجتمع المغربي نظرا لتعدد السياقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية واختلاف تمثلات الأفراد لموضوع السلوك المدني بحسب تجاربهم وظروفهم. وبالتالي فإن نتائج هذا العمل يجب أن تفهم في إطارها النوعي كأداة لقراءة أولية لتوجه عام لا كمرآة شاملة لكل مكونات المجتمع المغربي.

من خلال هذه الدراسة، يعرف السلوك المدني على انه هو مجموع التصرفات والمواقف التي يعبر من خلالها الفرد عن التزامه بالقوانين والنظم والقيم التي تنظم الحياة داخل المجتمع، بما يعكس احترامه للمصلحة العامة، وتفاعله الإيجابي مع محيطه، ومساهمته في تعزيز التعايش والتضامن بين أفراد المجتمع. ويشمل هذا السلوك احترام الغير، والحفاظ على الممتلكات العامة، والامتثال للأنظمة، والمشاركة الواعية في الشأن العام، بروح من المسؤولية والانضباط

  • تركيبة المشاركين في الاستطلاع

تميزت العينة المشاركة في الاستطلاع بالمميزات الاحصائية التالية:

من بين 1173 مشاركة ومشارك في الاستطلاع، بلغت نسبة الذكور 75.9%، مقابل 24.1% من الإناث.

توزعت الفئات العمرية على النحو التالي: 32.6% تتراوح أعمارهم بين 30 و39 سنة، و28.4% بين 20 و29 سنة، و20.5% بين 40 و49 سنة، و11.4% بين 50 و60 سنة، بينما بلغت نسبة من تجاوزوا 60 سنة 7.1%.

من حيث الوضعية المهنية، تصدر الموظفون نسبة المشاركين بـ33.2%، تلاهم الطلبة بنسبة 20.5%، ثم العاملون في القطاع الخاص بنسبة 17.6%، في حين بلغت نسبة العاطلين عن العمل 10.3%، وسجلت نسب 10.2% لدى المهن الحرة و 5.8% لدى المتقاعدين و2.3% لدى  ربات البيوت.

أما بخصوص المستوى الدراسي، فقد صرح 43.5% من المشاركين بأنهم حاصلون على شهادة الماستر وما فوق، و40.7% على شهادة الإجازة، بينما بلغت نسبة الحاصلين على مستوى أقل من الإجازة 9.3% و5.2% لديهم شهادة التكوين المهني.

على المستوى الجغرافي، جاءت جهة الرباط سلا القنيطرة في المرتبة الأولى من حيث عدد المشاركين بنسبة 23.6%، تليها جهة الدار البيضاء سطات بنسبة 21.2%، ثم جهة فاس مكناس بنسبة 12.1%. وسجلت مساهمات متفاوتة من باقي الجهات، أبرزها مراكش آسفي (10.7%)، طنجة تطوان الحسيمة (10.5%)، والجهة الشرقية  (8.8%).

وبخصوص وسائل التنقل، أفاد المشاركون أنهم يعتمدون بشكل رئيسي على وسائل النقل العمومي بنسبة 37.8%، في حين يستخدم 30.6% وسائل نقل خاصة، ويتنقل 25.9% مشيا على الأقدام، بينما تبقى نسبة مستعملي الدراجات الهوائية أو النارية محدودة ولا تتجاوز 5.7%.

استطلاع يفضح تنامي السلوك المدني السلبي لدى المغاربة من الغش والتسول والمضايقات في الفضاء العام.. - AgadirToday
مشاكل التظافة
  • العلاقات بين الأفراد في الفضاء العام

يهدف هذا المحور إلى قياس مستوى احترام المواطنين لقواعد التفاعل الاجتماعي داخل الفضاء العام، بما في ذلك معايير اللياقة والاحترام المتبادل،. ويكتسي هذا الجانب أهمية خاصة باعتباره مرآة تعكس جودة العلاقات الإنسانية في المجتمع، ودرجة ترسخ القيم المدنية المرتبطة بالعيش المشترك.

احترام قواعد اللباقة (الأدب، استخدام لغة محترمة): رأى 44,8% أن مستوى التزام المغاربة في الفضاء العام في هذا الجانب متوسط، في حين عبر 42,8% عن عدم رضاهم، وبلغت نسبة الرضا 12,4% فقط.

احترام الجار وتجنب إزعاجه: عبر 44,4% من المشاركين عن عدم رضاهم عن سلوك المغاربة تجاه جيرانهم، بينما رأى 39,9% أن مستوى الاحترام متوسط، و15,7% فقط عبروا عن رضاهم عن درجة الاحترام.

احترام النساء وعدم مضايقتهن: عبر 52,2% من المشاركين عن عدم رضاهم عن طريقة تعامل المغاربة مع النساء في الفضاء العام، و36,0% أن مستوى الاحترام متوسط، و11,9% فقط عبروا عن رضاهم.

احترام كبار السن والأشخاص في وضعية إعاقة: عبّر 18,8% من المشاركين عن عدم رضاهم في حين وصف 37,9% رضاهم بالمستوى المتوسط، و43,3% عبروا عن رضاهم عن سلوك المغاربة في هذا الجانب من الفضاء العام.

احترام الفئات المستضعفة والهشة: عبر 47,2% من المشاركين عن عدم رضاهم عن سلوك المغاربة تجاه الفئات الهشة في حين رأى 35,1% أن مستوى الاحترام متوسط، و17,6% فقط عبروا عن رضاهم.

  • الممارسات في مجال البيئة والنظافة

تعتبر نظافة الفضاءات العامة والحفاظ على البيئة من أبرز المؤشرات التي تعكس مدى ترسخ السلوك المدني في الفضاء العمومي، وتشكل عنصراً مركزيا في تقييم التمدن وجودة العيش في المجتمعات الحديثة. إذ لا يمكن تصور سلوك مدني متوازن دون احترام الفضاء المشترك، وصيانته، والالتزام بقواعد العيش الجماعي التي تضمن الحقوق البيئية لجميع المواطنين.

المحافظة على نظافة الأماكن العامة (عدم رمي النفايات) : عبر 73,5% من المشاركين عن عدم رضاهم عن سلوك المغاربة في هذا المجال، مقابل 22,4% اعتبروا أن الوضع متوسط، و4,0% فقط عبروا عن رضاهم.

احترام المساحات الخضراء والحدائق العامة : رأى 66,8% من المشاركين أن سلوك المغاربة لا يحترم الفضاءات الخضراء، مقابل 27,0% وصفوا الوضع بالمتوسط، و6,3% فقط عبروا عن رضاهم.

المحافظة على تجهيزات الفضاء العام (المقاعد، الإنارة، مواقف الحافلات…) : عبر 69,8% من المشاركين عن عدم رضاهم عن سلوك المغاربة في هذا الجانب، بينما وصف 25,7% الوضع بالمتوسط، و4,5% فقط أعربوا عن رضاهم.

الامتناع عن التدخين في الفضاء العام : أبدى 49,8% من المشاركين عدم رضاهم عن سلوك المدخنين، و31,6% وصفوا الوضع بالمتوسط، في حين عبر 18,6% عن رضاهم.

استطلاع يفضح تنامي السلوك المدني السلبي لدى المغاربة من الغش والتسول والمضايقات في الفضاء العام.. - AgadirToday
الغش في الامتحانات
  • ممارسات السلوك المدني في مجال النظام والانضباط

يمثل احترام النظام العام والانضباط السلوكي في الفضاءات المشتركة مكونا أساسيا في الحياة المدنية. ويشمل هذا المحور مدى احترام الوقت، واحترام الطوابير، وقوانين السير، والنبرة العامة للتواصل واللباس.

احترام المواعيد والالتزام بالوقت: عبّر 60,7% من المشاركين عن عدم رضاهم عن سلوك المغاربة في احترام المواعيد، و34,7% وصفوا الوضع بالمتوسط، و4,6% فقط أعربوا عن رضاهم.

احترام الطوابير وانتظار الدور: أبدى 46,2% من المشاركين عدم رضاهم عن هذا السلوك، مقابل 41,4% وصفوا الوضع بالمتوسط، و12,3% فقط عبروا عن رضاهم.

التصرف الحضاري في وسائل النقل العمومي: عبر 54,8% من المشاركين عن عدم رضاهم عن سلوك المغاربة في وسائل النقل، و37,8% وصفوا الوضع بالمتوسط، و7,4% فقط أعربوا عن رضاهم.

احترام قوانين السير من طرف السائقين والراجلين: عبّر 60,9% من المشاركين عن عدم رضاهم، مقابل 32,0% اعتبروا السلوك متوسطا، و7,1% فقط عبروا عن رضاهم.

الالتزام باللباس اللائق في الفضاءات العامة: رأى 33,2% من المشاركين أن سلوك المغاربة غير مرض في هذا الجانب، و41,9% وصفوا الوضع بالمتوسط، و24,8% عبروا عن رضاهم.

عدم التحدث بصوت مرتفع في الفضاء العام: عبر 53,5% من المشاركين عن عدم رضاهم عن هذه الممارسة، و39,4% وصفوا الوضع بالمتوسط، في حين عبر 7,2% فقط عن رضاهم

  • ظواهر اخرى في الفضاء العام

تكشف نتائج الاستطلاع تنوعا في الظواهر السلبية التي تؤثر على الفضاء العام، كما تعكس حجم الانشغال المجتمعي بسلوكيات غير مدنية منتشرة في الحياة اليومية. وقد تم رصد نسب مرتفعة تظهر إدراكا واسعا لخطورة هذه الممارسات وتأثيرها على صورة المجتمع:

الغش في المعاملات التجارية : اعتبر 83,1% من المشاركين أن الغش في المعاملات التجارية ظاهرة شائعة، في حين صرح 13,5% بأنها غير منتشرة، و2,1% فقط اعتبروها نادرة الحدوث.

المضايقات الصادرة عن حراس السيارات : عبر 87,7% من المشاركين عن أن هذه الظاهرة واسعة الانتشار أو منتشرة نسبيا، في حين وصفها 8,3% بأنها محدودة، و3,0% نادرة.

احتلال الملك العمومي : اعتبر 93,2% من المشاركين أن هذه الظاهرة منتشرة وواسعة الانتشار .

التسول واستغلال الأطفال : أفاد 92,2% من المشاركين بأن الظاهرة واسعة الانتشار أو منتشرة نسبيا، مقابل 5,8% وصفوها بأنها محدودة، و1,6% نادرة.

تشويه جمالية الفضاء العام (نشر الغسيل، الصحون على الواجهات…) : عبر 83,9% من المشاركين عن أن هذه الممارسة واسعة الانتشار أو منتشرة نسبيا، مقابل 11,6% وصفوها بالمحدودة، و3,6% نادرة.

انتشار أشخاص يعانون من أمراض نفسية في الشوارع : اعتبر 84,4% من المشاركين أن هذه الظاهرة واسعة الانتشار أو منتشرة نسبيا، مقابل 12,5% رأوها محدودة، و2,6% فقط اعتبروها نادرة.

انتشار الحيوانات الضالة (الكلاب) : يرى 85,8% من المشاركين أن الظاهرة واسعة الانتشار أو منتشرة نسبيا، بينما وصفها 10,1% بأنها محدودة، و3,6% نادرة.

  • انطباعات عامة حول السلوك المدني في الفضاء العام

تعكس انطباعات المشاركين حول السلوك المدني في الفضاء العام حالة من التفاوت بين الوعي بالممارسات المدنية والرغبة في التغيير. وتظهر النتائج إدراكا نسبيا لأهمية الالتزام والمسؤولية، مقابل محدودية في التدخل والمبادرة الجماعية.

مستوى التسامح بين المواطنين في الفضاء العام  :  أفاد 54,8% من المشاركين أن مستوى التسامح متوسط، بينما عبر 33% عن عدم رضاهم، في حين اعتبر 12,1% أن التسامح مرتفع أو مرتفع جدا.

مستوى الالتزام بالسلوك المدني : اعتبر 39,5% من المشاركين أن مستوى السلوك المدني متوسط، بينما عبر 57,6% عن تقييم سلبي ، و2,9% فقط رأوه مرتفعا أو مرتفعا جدا.

مدى تدخل المواطنين لتصحيح السلوك غير المدني : أجاب 54,2% من المشاركين أنهم اضطروا للتدخل عدة مرات، و37,4% قالوا إنهم تدخلوا نادرا، بينما 8,4% لم يسبق لهم أن تدخلوا أو لا يرون ضرورة لذلك.

المشاركة في المبادرات المواطنة : صرح 38,8% من المشاركين أنهم شاركوا عدة مرات، و30,3% شاركوا بشكل نادر، بينما لم يسبق لـ30,9% أن شاركوا في أي مبادرة من هذا النوع.

تطور الوعي بالسلوك المدني خلال السنوات الأخيرة : يرى 50% من المشاركين أن هناك تحسنا بسيطا لكنه غير كاف، بينما عبر 30% عن تراجع في مستوى السلوك المدني، و10,6% لم يلاحظوا أي تغيير، في حين رأى 9,4% فقط أن هناك تحسنا ملحوظا.

تقييم دور الحكومة في تعزيز السلوك المدني : أفاد 52,9% من المشاركين أنهم لا يرون أي جهود حكومية في هذا المجال، و45,2% اعتبروا أن هناك جهودا لكنها غير كافية، بينما 1,9% فقط اعتبروا أن هناك جهودا واضحة وفعالة.

توقعات تأثير تنظيم كأس العالم 2030 على السلوك المدني : صرح 36,7% من المشاركين أن ذلك قد يكون له تأثير محدود، و22,7% اعتبروا أنه سيعزز السلوك المدني بشكل كبير، بينما 32,9% لا يعتقدون أن له تأثيرا مباشرا، و7,7% رأوا أنه قد يؤثر سلبا.

استطلاع يفضح تنامي السلوك المدني السلبي لدى المغاربة من الغش والتسول والمضايقات في الفضاء العام.. - AgadirToday
الرشوة
  • السلوكيات السلبية التي قد تؤثر على صورة المغاربة خلال كأس العالم 2030

أبرز الاستطلاع جملة من السلوكيات السلبية التي قد تسيء إلى صورة المغرب خلال احتضان كأس العالم 2030، حسب رأي المشاركين. وقد تصدرت هذه السلوكيات مشكلات الغش التجاري، ضعف النظافة، واستغلال الزبناء، مما يعكس الحاجة إلى معالجة عاجلة لهذه المظاهر.

الغش في البيع والخدمات التجارية والسياحية مثل رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه أو تقديم خدمات بجودة سيئة: اعتبره 84,8% من المشاركين السلوك الأكثر تأثيرا سلبيا على صورة المغرب.

إلقاء النفايات وعدم الحفاظ على نظافة الأماكن العامة : عبر 81,7% من المشاركين عن قلقهم من هذا السلوك الذي يسيء للنظافة والصورة البيئية للمدن.

التسول في الأماكن السياحية والملاعب بطريقة مزعجة أو منظمة (استغلال الأطفال للتسول) : رأى 77,0% من المشاركين أن هذا السلوك يؤثر بشكل سلبي على راحة الزوار.

عدم توفر المراحيض العامة النظيفة في المناطق السياحية والملاعب : اعتبر 73,6% من المستجوبين أن غياب هذه المرافق يشوه صورة البنية التحتية المخصصة للسياح.

مشاكل سيارات الأجرة (رفض تشغيل العداد، فرض أسعار مبالغ فيها، انتقاء الزبائن أو رفض نقل السياح) : عبر 73,0% عن انزعاجهم من هذه الممارسات.

ضعف مستوى الخدمات الصحية والاستجابة لحالات المستعجلات : رأى 71,7% من المشاركين أن هذا الجانب يعكس ضعف الجاهزية.

عدم احترام الطوابير والنظام العام في الملاعب والمواصلات والمحلات التجارية والمرافق العامة : أبدى 71,6% من المشاركين تحفظهم على هذا السلوك.

التحرش اللفظي أو الجسدي تجاه السائحات : عبّر 69,6% من المشاركين عن قلقهم من هذا النوع من التصرفات.

المضايقات في الشوارع والأسواق : رأى 64,9% أن هذه التصرفات تزعج الزوار وتؤثر على تجربتهم.

القيادة المتهورة والاستهتار بقوانين المرور، خصوصا عدم احترام ممرات الراجلين : أشار 61,9% من المشاركين إلى تأثير ذلك على الشعور بالأمان.

السلوكيات غير المضيافة تجاه السياح والزوار (عدم احترام الاختلافات الثقافية والتعامل الفظ) : 37,6% اعتبروا أن هذا العامل قد يترك انطباعا سلبيا.

  • العوامل المؤثرة في تعزيز السلوك المدني

سلط الاستطلاع الضوء على مجموعة من العوامل التي يرى المواطنون أنها تلعب دورا محوريا في ترسيخ السلوك المدني داخل المجتمع. وقد جاءت نتائج المشاركين لتبرز بوضوح أهمية الأسرة، والتعليم، والقانون، والقيم الأخلاقية كمرتكزات أساسية للتغيير.

تعزيز التربية في الأسرة : تصدرت النتائج بنسبة 80%، حيث رأى المشاركون أن للأسرة دورا أساسيًا في غرس قيم الاحترام والمسؤولية لدى الأبناء، مما يجعلها حجر الزاوية في تعزيز السلوك المدني.

تعزيز دور المؤسسات التعليمية : جاء في المرتبة الثانية بنسبة 59,7%، مما يعكس إدراكا كبيرا لدور المدرسة والجامعة في تنمية السلوك المدني من خلال المناهج والأنشطة التربوية.

القوانين والتشريعات الصارمة: اعتبر 54,9% من المشاركين أن التطبيق الصارم والعادل للقانون يسهم في ضبط السلوك العام وتعزيز الانضباط داخل المجتمع.

الوازع الديني والقيم الأخلاقية: أشار 44,4% إلى أهمية المرجعية الدينية المعتدلة في ترسيخ القيم الأخلاقية والسلوك السليم.

العدالة والمسؤولية بين جميع المواطنين: رأى 43,3% أن سلوك المواطنين أنفسهم، وخاصة ممارسة العدالة والمسؤولية، له تأثير ملموس على تعزيز السلوك المدني.

تأثير وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي: اعتبر 38,9% من المشاركين أن الإعلام الرقمي يؤثر بشكل مباشر على السلوكيات العامة، سلبا أو إيجابا.

الشفافية والنزاهة في المعاملات الإدارية التي تهم المواطن: شدد 36,5% على ضرورة تعزيز الشفافية في المعاملات اليومية كعنصر لبناء الثقة وغرس السلوك المدني.

النماذج والقدوة الإيجابية في المجتمع: أشار 25,0% إلى أهمية إبراز السلوكات النموذجية كمحفز على تقليدها ونشرها في المحيط الاجتماعي.

المشاركة المجتمعية والعمل التطوعي: جاء في المرتبة الأخيرة بنسبة 20,8%، رغم اعتراف المشاركين بأهميته في تكريس الممارسة المدنية من خلال الانخراط الجماعي.

  • الخلاصة

تظهر نتائج استطلاع الرأي أن السلوك المدني في الفضاء العام ما زال يعاني من اختلالات بنيوية واضحة، تعكس فجوة قائمة بين القيم المرجوة والواقع اليومي. فقد عبر أغلب المشاركين عن عدم رضاهم عن مظاهر عديدة، كضعف الاحترام المتبادل، غياب النظام، تدني النظافة، وعدم احترام الفئات الهشة، وهو ما تجسد في تقييمات سلبية غالبة لممارسات يومية شائعة في الأماكن العمومية.

ويبرز هذا الاستطلاع وعيا جماعيا بواقع هذه الاختلالات، إلى جانب إدراك واضح لتعدد التحديات التي تحول دون ترسيخ ثقافة مدنية مسؤولة ومنفتحة. إذ أظهرت النتائج أن أغلب المشاركين غير راضين عن مستوى احترام القانون والنظام والنظافة، ما يعكس تصورا عاما بأن السلوك اليومي لا يعكس ما ينبغي أن يكون عليه مجتمع مدني حديث ومنظم.

ومع ذلك، لا تخلو النتائج من مؤشرات إيجابية، إذ عبر عدد مهم من المستجوبين عن رضا متوسط بخصوص سلوكيات معينة، خصوصا تلك المرتبطة باحترام كبار السن والأشخاص في وضعية إعاقة، وهو ما يفتح المجال لتحسين الوضع عبر تدخلات تربوية وتحسيسية فعالة.

استطلاع يفضح تنامي السلوك المدني السلبي لدى المغاربة من الغش والتسول والمضايقات في الفضاء العام.. - AgadirToday
سلوك مدني للغد

في المقابل، بين الاستطلاع أن عددا كبيرا من الظواهر السلبية في الفضاء العام أصبحت شبه مألوفة، مثل الغش في المعاملات، التسول المنظم، احتلال الأرصفة، والمضايقات في الشوارع. هذه السلوكيات، التي أثارت قلقا واسعا، تظهر الحاجة إلى معالجة عاجلة لا تقتصر على الزجر، بل تشمل كذلك التربية والتأطير المجتمعي والرصد المستمر.

أما من حيث التقييم العام للسلوك المدني، فقد اعتبر جزء مهم من المشاركين أن مستوى الالتزام ضعيف أو متوسط، فيما أقر عدد كبير منهم أنهم اضطروا أكثر من مرة للتدخل شخصيا لتصحيح سلوك غير مدني، ما يعكس وجود حس جماعي بمسؤولية الحفاظ على النظام العام.

وبخصوص العوامل الكفيلة بتعزيز السلوك المدني، أجمع المشاركون على أهمية التربية الأسرية باعتبارها الأساس الأول، تليها المدرسة، ثم تفعيل القوانين والقدوة، وهو ما يؤكد أن معالجة هذا الورش يجب أن تنطلق من جذوره التربوية والثقافية.

في هذا السياق، ينظر إلى تنظيم كأس العالم 2030 كمناسبة استراتيجية يمكن استثمارها ليس فقط لتحسين صورة المغرب دوليا، بل أيضا لإطلاق دينامية داخلية نحو تعزيز المواطنة الفاعلة. غير أن المشاركين يرون أن هذا الأثر الإيجابي المحتمل يبقى مشروطا بجاهزية الدولة والمجتمع لإرفاق الحدث بحملات تربوية وتوعوية ومواكبة مؤسساتية شاملة. بمعنى أن كأس العالم يمكن أن يكون محفزا للتغيير، لكنه ليس بديلا عن الإصلاحات العميقة المطلوبة.

فالرهانات المرتبطة بهذا الحدث الرياضي العالمي لا تقتصر على الجوانب التنظيمية، بل تشمل أيضا تقوية التماسك الاجتماعي، رفع جودة الحياة في المدن المستضيفة، وتعزيز ثقة المواطن في قدرته على الانضباط والانخراط الإيجابي.

وفي أفق احتضان المغرب لجزء من فعاليات كأس العالم إلى جانب إسبانيا والبرتغال، تزداد الحاجة إلى ترسيخ السلوك المدني كعنصر أساسي في نجاح هذا الحدث. فالمطلوب ليس فقط بنية تحتية جاهزة، بل مجتمع قادر على تقديم نموذج حضاري من خلال الاحترام، والنظافة، والانفتاح، والتسامح.

وختاما، يتطلب ورش تعزيز وترقية السلوك المدني رؤية شمولية متكاملة تقوم على ثلاث ركائز أساسية:

أولا: التربية والقدوة في الحياة اليومية،

ثانيا: الزجر وتفعيل القانون بصرامة وعدالة،

ثالثا: تحفيز المشاركة والانخراط المجتمعي في حماية الفضاء العام.

ويعد تنظيم كأس العالم فرصة حقيقية لإطلاق هذا الورش بشكل جدي ومنظم، شريطة أن يواكب بحملة وطنية طويلة النفس، وإرادة مؤسساتية راسخة، وانخراط جماعي واسع.

  • التوصيات

نحو مدرسة حاضنة لقيم المواطنة والسلوك المدني: إدماج التربية على المواطنة والسلوك المدني في المقررات الدراسية بجميع المستويات، مع الحرص على ربطها بالسلوكيات والمواقف اليومية داخل الوسط المدرسي.

تمكين الأسرة كفاعل أساسي في بناء السلوك المدني: تعزيز دور الأسرة باعتبارها النواة الأولى للتنشئة على السلوك المدني، من خلال توعية الآباء والأمهات بأهمية القدوة في غرس قيم المواطنة لدى الأطفال.

التوعية والتحسيس العمومي : إطلاق حملات تواصلية وطنية تحسيسية تستهدف المجتمع حول السلوكيات المطلوبة في الفضاءات العمومية، مع استثمار وسائل الإعلام التقليدية والرقمية والمؤثرين في نشر ثقافة الاحترام والانضباط والتسامح.

الضبط القانوني وتفعيل الردع العادل : تعزيز الوعي بالقوانين المتعلقة بالسلوك المدني، مع تبسيط مساطر التبليغ عن السلوكيات غير المدنية وضمان حماية المبلغين. والعمل على إحداث شرطة جماعية للقرب تتوفر على صلاحيات واضحة لتطبيق القانون بشكل عادل وفعال.

تهيئة الفضاءات العمومية والخدمات المواكبة : تحسين جودة الفضاءات العمومية وتوفير مرافق نظيفة وتأهيل النقل العمومي بما يضمن جودة الخدمة.

المشاركة المجتمعية والحكامة المحلية: إشراك فعال لجمعيات المجتمع المدني في تنفيذ البرامج التوعوية والتربوية. مع إحداث آليات للرصد والتقييم المجتمعي لرصد تحولات السلوك وربطها بمؤشرات التنمية الاجتماعية والحضرية.

استثمار النجاحات المغربية في الرياضة لتعزيز السلوك المدني: استثمار النجاحات التي حققها المغرب في المجال الرياضي، وخصوصاً كرة القدم، كرافعة رمزية وتحفيزية لتعزيز السلوك المدني والانخراط المجتمعي.

استثمار تنظيم كأس العالم 2030 لتعزيز السلوك المدني : يوصى بإطلاق حملة وطنية شاملة تواكب تنظيم كأس العالم 2030، تهدف إلى ترسيخ السلوك المدني وتعزيز صورة المغرب، من خلال رسائل تواصلية موجهة لكافة المواطنين، تُبرز قيم الانضباط، الاحترام والمسؤولية، مع استثمار رمزية الحدث الرياضي في تعزيز الشعور بالانتماء والسلوك الحضاري.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى