الثقافة

گونو…بزوغ فنان

  • رشيد نجيب //

تفاجأ متتبعو فنون أسايس وخاصة فن أحواش هذا الصيف، لاسيما في المهرجانات الفنية والشعبية المنظمة بمناطق الجنوب المغربي (مهرجانا إيمجاض وتمنارت على سبيل المثال) ببزوغ فنان شاب اسمه إبراهيم كونو، اقتحم فضاءات أسايس المحصنة والمحمية عادة من قبل شيوخها وزعمائها الأشاوس على المستوى الفني.

وقع المفاجأة هاته يعود بالدرجة الأولى على الأقل في منظورنا للأسباب التالية: أولا، الفنان المعني بالأمر شاب بالكاد لم يبلغ الثلاثينيات تمكن من فرض نفسه ليس باعتباره مجرد راقص أو عازف أو حتى مشارك في فرقة من الفرق الفنية التي بدأت تتمأسس وتنظم فن احواش الراقي على المستوى التنظيمي المرتبط بإحداث مجموعات فنية حديثة ومنظمة تعيد لفن أحواش هبته واعتباره ورمزيته التي عرف بها منذ زمان. بل إن الشاب إبراهيم كونو دخل كشاعر ممارس هذه المرة (ما يطلق عليه في اللغة الّأمازيغية ءانضام).

وثانيا، دخول إبراهيم كونو تم من مدخل إلقاء الكلمة الشعرية الموزونة والمنضبطة لشروط الأداء الارتجالي الفني داخل فضاء ءاسايس الفسيح، مقارعا بالكلمة القوية كبار الشعراء الذين يعرف بهم هذا المجال الفني من أمثال كل من الحسن أجماع وعثمان أزوليض وعابد أوطاطا وغيرهم…

وثالثا، الشاب كونو، وعلى عكس كبار الشعراء الأمازيغ المتخصصين في فن أحواش وكل فنون الأداء الفني الجماعي والذين بالكاد لا يتجاوز مستواهم التعليمي ما تعلموه في كتاب القرية (المسيد) أوالتعليم الابتدائي في أحسن الأحوال، إذا استثنينا الأساتذة إبراهيم أوبلا ومحمد مستاوي وأحمد عصيد، ينطلق في ممارسته لأحواش من خلفية أكاديمية علمية تتجلى في اهتمامه بالفلسفة والرياضيات وهو حاصل على شواهد عليا في الرياضيات.

رابعا، في كل المناسبات والمهرجانات الفنية التي شارك فيها الرايس إبراهيم كونو إلى الأن نجده على الدوام بقرب الفنان الحسن أجماع الذي يعتبر بدون شك، لكثرة دفاعه عنه في ءاسايس، أباه الروحي وأستاذه في هذا المجال الفني، بالرغم من كون هذا الأخير قد أكد في إحدى المناسبات أنه لم يعلمه إلا القليل وأن مرد النجاح الفني الذي حققه هذا الفنان الشاب الواعد يعود إلى الموهبة التي من الله بها عليه، وكذلك اجتهاده وكده لتعلم كل ما يتصل بفن احواش الجميل من كلمة أو أداء وأنواع الرقصات وتدبير تناول الكلام داخل الفضاءات التي تمارس فيها هذه الفنون سواء كانت فضاءات عائلية أو بمناسبة المهرجانات الثقافية الكبرى.

من الواضح أن الطريقة التي ولج بها الفنان كونو هذا المجال الفني المحصن بقوة من قبل نخبته، والتشجيع والتحفيز الذي لقيه من عند أستاذه أو شيخه الفني أجماع ينم عن تحول كبير، بدون شك، لدى هذه النخبة التي قررت أخيرا عبرهذا النموذج نقل خبرتها وتجربتها الفريدة إلى الأجيال الجديدة بالرغم من فارق الأعمار والتجارب.

ومن المرتقب، بدون شك، أن تظهر أسماء فنية أخرى جديدة على منوال الرايس كونو. ومن الواضح كذلك أن المجال الفني لأحواش، باعتباره فنا راقيا وأنيقا ومحترما، ربح فنانا جديدا ومتواضعا نال إعجاب الجمهور. وستكون له بدون شك بصمته المميزة في تطوير هذا الفن الأصيل والارتقاء به.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى