الرأيالمجتمع

الانفلات الأمني بين غضب الشباب ومسؤولية الدولة

  • حسن كرياط //

ما وقع مؤخرًا في بعض المدن المغربية من أعمال عنف وتخريب عقب مظاهرات شبابية يطرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعة التحولات الاجتماعية والسياسية التي يعيشها البلد. فبينما خرج شباب للتعبير عن مطالب اجتماعية واقتصادية مشروعة، انزلقت بعض التحركات إلى مسارات خطيرة، شملت تدمير الممتلكات العامة والخاصة، والاعتداء على رجال الأمن، بل وتهديد السكينة العامة للمواطنين.

هنا يفرض السؤال نفسه: كيف يمكن التمييز بين الاحتجاج المشروع والانفلات المرفوض؟

الجواب يكمن في إدراك أن حرية التعبير، مهما كانت مشروعيتها، لا يمكن أن تنفصل عن المسؤولية واحترام القانون. فما حدث من نهب وتخريب لا يعبر عن روح المطالب الاجتماعية، بل يشوه صورتها ويفتح الباب أمام قوى خارجية متربصة تسعى إلى زعزعة الاستقرار وضرب الثقة في مؤسسات الدولة.

في المقابل، لا بد أن تعي السلطات أن التعامل مع هذه الظواهر لا يجب أن يقتصر فقط على المقاربة الأمنية، مهما كانت مشروعيتها وضرورتها، بل أن يُرفق بفتح قنوات الحوار والاستماع لمطالب الشباب. فالقمع وحده لا يحل الأزمات، بل قد يعمّقها، بينما الاعتراف بالمشاكل وابتكار حلول واقعية يعزز ثقة المواطن في دولته.

لقد أثبتت التجارب أن مستقبل أي بلد يُبنى على شراكة صادقة بين الدولة ومواطنيها، أساسها العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والإنصات لصوت الشباب. وأمام التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها المغرب، فإن الخيار الأنجع هو الجمع بين الحزم في تطبيق القانون وبين فتح المجال لاحتجاج سلمي حضاري يضمن التعبير دون تهديد للاستقرار.

إن ما وقع اليوم جرس إنذار، لكنه أيضًا فرصة لإعادة بناء الثقة وترسيخ قناعة بأن التغيير الحقيقي لا يمر عبر الفوضى، بل عبر العمل المشترك من أجل مغرب آمن، عادل، وقادر على الاستجابة لطموحات شبابه.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى