
جيل Z، جيل بداية الألفية الثالثة..
قد يكون من السابق لأوانه فهم مظاهرات من يسمون أنفسهم “جيل ز، لجدة “الحركة”، وغياب المسافة الزمنية الضرورية للفهم والتحليل، وغياب الدراسات في الموضوع، لكن الأكيد أن المحتجين ولدوا أساسا في بداية القرن الواحد والعشرين، وكل المجهود المبذول خلال هذه المدة والأوراش الكبرى المفتوحة يبدوا أنها لم تقنعهم، ولم يلمسوا تأثيرها، رغم معايشتهم لزمن القطار الفائق السرعة، والملاعب العالمية، ومحطات نور لتوليد الطاقة الشمسية، وتركيب وربما حتى صناعة السيارات.
فقد عايشوا أيضا زمن الإنصاف والمصالحة، والاعتراف بالأمازيغية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وتعديل مدونة الأسرة ومشروع النموذج التنموي الجديد، كما عاشوا تحت تأثير سياسات عمومية لعدة حكومات من توجهات مختلفة يسارية فاسلامية فيمينية ليبرالية، وأحيانا خليط بين الكل، وكلها لم تحقق ولو جزءا من انتظاراتهم، كما يظهر من شعاراتهم، التي كتب بعضها باللغة الإنجليزية.
هو إذا جيل غاضب على الوضع، تلقى تأطيره أساسا في مواقع التواصل الإجتماعي التي يضبطها ربما أكثر من مدبري الشأن العام، وكانت وسيلته الأساسية في النقاش بداية ثم في الدعوة للتظاهر ثانيا، وفي ذلك يشبهون جيل 20 فبراير. هم أنفسهم من يملؤون الساحات بالآلاف لمتابعة سهرات طولو أو سعد المجرد وهم أيضا من يملؤون الملاعب لتشجيع المنتخب الوطني، رغم رفعهم شعار “الصحة أولا، ما بغيناش المونديال”.
هو إذا جيل جديد، بميولات جديدة، واختيارات جديدة وانتظارات جديدة، لم يتلق تكوينه لا في الأحزاب ولا في النقابات، وحتى ميولاته الجمعوية قد يكون لها طابع واهتمامات خاصة، لكنه مقنع بضرورة الاحتجاج، لأنه غير راض على الوضع. لا أعتقد أن وضعهم أفلس من وضع شباب القرى والأحياء الهاشمية في السبعينات الذين أسسوا منظمات “إلى الأمام”، أو “23 مارس”، وأنتجوا خطابا سياسيا معروف الهوية الايديولوجية والخلفية الفكرية، لكن مع ذلك، حتى وإن كانت ملابسهم، وتسريحة شعرهم، لغتهم وقسمات وجوههم، تنم عن وضع اجتماعي معين، إلا أنهم قرروا الاحتجاج والتظاهر في الشارع العام.
أعتقد أن العنف الذي تعاملت به القوات العمومية مع هذا الجيل من المتظاهرين غير مقبول، فإلى جانب كونه يتنافى وحقهم في التظاهر المكفول دستوريا، يقطع كل أداة للتواصل معهم، ويعمق الفجوة بينهم وبين مدبري الشأن العام، ويزيد من تعميق الحقد واليأس في نفوسهم، ومن الصعب التكهن بتبعات ذلك.
فلابد إذا من التعقل في التعاطي مع هذا الجيل، وقبل ذلك لابد من العمل على فهمه.
- الحسين بويعقوبي

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News