أكادير اليوم

صرخة إيمان من تازة: حين يتحوّل العنف إلى قانون… والمجرم إلى “زوج شرعي”..

بقلم : سيداتي بيدا* //

في مشهد مأساوي هزّ الرأي العام المحلي والدولي، عادت قضية الشابة إيمان، المنحدرة من مدينة تازة، إلى الواجهة بعد تعرضها لاعتداء وحشي من قبل طليقها، الذي لم يكن سوى مغتصبها السابق، وزوجها القسري فيما بعد، في واحدة من أبشع صور العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي يجمع بين الاغتصاب، والزواج القسري، والتشويه الجسدي العمد.

حسب معطيات حصل عليها المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان، فإن الضحية إيمان كانت قد تعرضت قبل سنوات لاغتصاب أدى إلى حمل. وبدل أن يُتابع المعتدي قضائيًا، وجدت الضحية نفسها مضطرة للزواج منه تحت ضغوط اجتماعية وقانونية، لتتمكن من تسجيل الطفل الناتج عن الاعتداء في الحالة المدنية. هذا “الحل القسري” لم يكن سوى بداية لمعاناة مركّبة، إذ استمر المعتدي في ممارسة العنف النفسي والجسدي على الضحية، إلى أن حصل الطلاق بعد فترة قصيرة من الزواج.

لكن المأساة لم تتوقف عند هذا الحد. فبعد ستة أشهر فقط من الطلاق، أقدم المعتدي على ملاحقة إيمان في الشارع العام واعتدى عليها بسكين، مما أدى إلى تشويه وجهها بالكامل، وثقب في يدها، وجروح عميقة استدعت تدخلًا طبيًا معقّدًا يتضمن عشرات الغرز، ويستلزم رعاية مختصة في جراحة التجميل والعظام.

مأساة تتكرّر… وسط صمت القوانين

تعكس قضية إيمان واحدة من الثغرات القانونية الخطيرة في التشريعات المغربية، التي كانت إلى وقت قريب تسمح بزواج الضحية من مغتصبها، بحجة “الستر” أو حفظ “سمعة العائلة”، رغم التعديلات التي أُدخلت على مدونة الأسرة في السنوات الأخيرة.

ويرى حقوقيون أن ما حدث مع إيمان ليس استثناءً، بل نموذجًا متكرّرًا لفشل منظومة الحماية القانونية للنساء، حيث يتم تبرير العنف تحت عباءة الزواج، وتحويل الجناة إلى “أزواج شرعيين”، في مخالفة صريحة لكل المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب.

مطالب حقوقية مستعجلة

وفي هذا السياق، أصدر المرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان نداءً عاجلًا، طالب فيه المؤسسات الرسمية والمدنية في المغرب بالتدخل الفوري والعاجل في قضية إيمان، داعيًا إلى:

1. توفير العلاج الطبي المختص للضحية، على وجه السرعة، لتدارك آثار التشويه قبل أن تصبح دائمة.

2. توفير دعم نفسي متخصص لمساعدتها في تجاوز الصدمة النفسية العميقة التي تعاني منها.

3. توكيل محامٍ للدفاع عنها مجانًا وضمان محاكمة عادلة وشفافة للجاني.

4. إعادة النظر في القوانين التي تسمح بزواج الضحية من مغتصبها، والعمل على تجريم هذا النوع من “الزواج القسري” بشكل صريح.

5. ضمان الحماية الجسدية والقانونية لإيمان من أي تهديدات أو محاولات انتقام مستقبلية.

قد يتغير.

أشارت جمعيات نسائية وحقوقية في بيانات متفرقة الى ان الذريعة التي يروج لها مجتمعيا وقانونيا بان المجرم قد يتغير بعد الزواج ليست سوى محاولة لتقنين الجريمة وتحميل الضحية مسؤولية اصلاح المعتدي بدل إنصافها ومحاربة من أذنب في حقها.

ايمان اليوم لا تطالب فقط بعلاج او محاكمة عادلة ، بل تدافع عن حق كل فتاة مغربية في ان تصان كرامتها وجسدها والا تترك فريسة بعنف مغلف بالقانون

العدالة ليست منحة ….بل حق.

قضية ايمان تضع امام الجميع ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني والاعلام والنظام القضائي، سؤالا كبيرا الى متى ستظل المرأة في المغرب تجبر على الصمت والنازل عن حقها في الحياة الأمنة والكريمة ؟.

العدالة اليوم لم تعد ترفا ولا مجاملة بل حق اصيل يجب ان ينتزع وان يرسخ في القوانين والممارسات قبل ان تفقد الضحايا الثقة في إنصاف الحلول ويتحول الأمل الى استسلام

عضو المرصد الدولي للاعلام وحقوق الانسان

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى