
نحو مغرب آخر..
بعد أحداث أكادير حول الاحتجاج من أجل الصحة ونزول وزير القطاع إلى الميدان فورا لمعالجة الوضع المتردي بمستشفى الحسن الثاني ، سبب الوقفة الإحتجاجية لساكنة المدينة .. هذا الحدث بكل تجلياته ربما يشكل تحولا نحو مغرب آخر .
احتجاجات شعبية.. بداية التغيير
شهدت مدينة أكادير مؤخرًا احتجاجات قوية أمام المستشفى الجهوي الحسن الثاني، بسبب ما وصفه المواطنون بتردي الخدمات الصحية، وغياب الرقابة والجدية في التعاطي مع قضايا المرضى. هذه الخطوة، وإن كانت نتيجة ألم ومعاناة، فهي في عمقها ممارسة ديمقراطية راقية، إذ عبّر الشعب بشكل سلمي عن رفضه لواقع لا يرضي طموحاته ولا يليق بحقّه في العلاج والكرامة الإنسانية.
استجابة حكومية فورية
بعد هذه الاحتجاجات مباشرة، بادر وزير الصحة إلى النزول شخصيًا إلى مدينة أكادير وزيارة المستشفى، متخذًا مجموعة من الإجراءات الاستعجالية لمعالجة الخلل. هذه السرعة في التفاعل تكشف عن وعي متزايد لدى الدولة بأن صوت الشارع لم يعد يمكن تجاهله، وأن المسؤولية تقتضي الحضور الفعلي في الميدان وليس الاكتفاء بالتقارير الرسمية.
الديمقراطية المغربية في مسار النضج
ما وقع في أكادير يمثل صورة حية عن تحول الديمقراطية المغربية من مجرد نصوص إلى ممارسة عملية:
من جهة الشعب: الاحتجاج لم يعد فعلًا فوضويًا، بل ممارسة لحق دستوري يهدف إلى تحسين الخدمات العمومية.
من جهة الحكومة: لم تعد الاستجابة عبر الوعود البعيدة المدى، بل بقرارات ملموسة على أرض الواقع، وهذا مؤشر على نضج في الأداء السياسي والإداري.
بين الحق والواجب
هذا التفاعل المتبادل بين الشعب والحكومة يرسم معالم مغرب جديد يقوم على التوازن بين الحقوق والواجبات:
الشعب يطالب بحقّه المشروع في الصحة والكرامة، لكن عليه أيضًا ممارسة واجباته عبر المشاركة البناءة، واحترام القانون، والإسهام في بناء الثقة.
الحكومة تلتزم بضمان الخدمات الأساسية والإنصات لمطالب المواطنين، لكنها مطالبة كذلك بترسيخ ثقافة الحكامة الرشيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
نحو مغرب آخر
إن مشهد أكادير يعكس بجلاء أن المغرب يسير في اتجاه ترسيخ نموذج ديمقراطي خاص به، يقوم على التفاعل بين قوة الشارع الواعي وإرادة الدولة الإصلاحية.
إنه درس بليغ في أن بناء مغرب آخر لا يتم إلا عبر شراكة حقيقية بين الحاكم والمحكوم، حيث تتحول الأزمات إلى فرص لإعادة رسم علاقة جديدة بين المواطن ومؤسسات الدولة، قوامها الثقة، المشاركة، والمساءلة.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News