الثقافة

من يكرم الفنان في وطنه؟ عرُّوب… صوت أمازيغي أطلسي يتوارى في صمت النسيان بين صورة الماضي وصورة الحاضر

  • حٌستي محمد//

بين أيديكم الصورة المأساة التي تحمل في طياتها أكثر من رسالة بصرية وإنسانية واجتماعية  تحز في القلب والروح ، فهي لا تعرض علينا بنيتها الأيقونية كمجرد لقطة توثق لحظة اعتيادية لفنان أمازيغي ينتشي عبق الحياة الكريمة ، بل شهادة دامغة تسجل بالأحمر الدامي لقطة واقع الإهمال والتهميش الذي يعيشه الفنان الأمازيغي عروب بخنيفرة ، أحد رموز ورواد النغمة الوترية بالأطلس المتوسط. يظهر الرجل جالسًا في وضع يوحي بالإنهاك والتعب وهو مغلوب عن أمره مستسلما للعنف الإجتماعي القاهر ، أمامه زوج من الأحذية البالية التي صاحبته لزمن ممتد في الماضي ، في إشارة رمزية إلى المسار الطويل الذي قطعه في خدمة الفن الأمازيغي ، وإلى المسافة الطويلة والعميقة في الانتاج الفني والعطاء الذي استُنزف دون مقابل يليق بمقامه الكبير في تاريخ الغناء الامازيغي بالأطلس المتوسط . أما الصورة القديمة المعلقة فوقه، فهي بمثابة ذاكرة بصرية تضعنا أمام المفارقة: زمن العطاء والرفقة مع أسماء كبيرة من حجم نعينيعة، بوزكري، محمد رويشة، مغني واليوسفي بن موحي… وزمن حاضر يطغى عليه النسيان والعزلة والانطواء في انتظار مؤلم للرحيل المادي عن الحياة القهرية.

نسجل بصوت عالي هذا التناقض الحاد الذي يفضح السياسة الثقافية للوزارة الوصية والقائمة على التهميش الممنهج للفنان الأمازيغي، إذ لا يُعقل أن يتحول صوت الفنان عروب  الذي كان بالأمس قاهرا للرتابة بوتره ونغمه وفنه الراقي الذي يجمع شتات وكليان وجدان المجتمع الأمازيغي وذاكرتهم إلى جسد عليل مهمَل ومبعد من كل كرامة إنسانية ، لا يجد حتى ما يحفظ به ماء وجهه كفنان . النقد هنا يتجاوز الأشخاص إلى البنية المؤسساتية نفسها التي لم تعد تخدم مصالح منتسبيها ، حيث يتضح غياب المنهج الموضوعي والاستراتيجي والواضح لصيانة وإنقاد ذاكرة الفن الشعبي المغربي وحماية رموزه من العوز والإهمال . إن تحويل الفنان إلى كائن مُشيَّئ يُستدعى فقط عند الحاجة، ثم يُترك لمصيره عند أفول نجمه، هو شكل من أشكال “اللامبالاة الثقافية” التي تنخر جسد الإبداع المغربي.

التقويم هنا يقتضي الاعتراف أولًا بمكانة هؤلاء الرواد الذين صنعوا هوية موسيقية أمازيغية جماعية للأطلس المتوسط، وتكريمهم في حياتهم قبل مماتهم عبر آليات ملموسة:

تخصيص صناديق دعم اجتماعي، ربط الفنانين بتغطية صحية فعلية، ضمان مداخيل تحفظ لهم حياة كريمة. أما التذكير فهو أن الأمم التي تهمل قنانيها الحقيقيين، إنما تهمل ذاكرتها الرمزية وتفرط في جزء من هويتها. والتنبيه موجه للسلطات الثقافية والجماعات الترابية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والمحسنين على حد سواء: إن كرامة الفنان جزء من كرامة المجتمع، وإن استمرار مثل هذا الإهمال يُفقد الثقة في جدوى الحديث عن “التراث اللامادي” حين يكون أهله عرضة للمرض والفقر.إن حالة الفنان عروب ليست استثناءً فرديًا ومعزولا عن باقي الحالات الأخرى الكثيرة ، بل نعتبرها  صرخة  لحالة مزرية  ولصورة نموذجية لظاهرة التهميش التي تستهدف رموز الفن الأمازيغي الشعبي. ومن هنا وجب تحويل هذا النداء الإنساني إلى فعل جماعي، حتى لا يُترك من قدم حياته خدمة للفن يواجه مصيره وحيدًا، وسط صمتٍ رسمي لا يليق بمقام الإبداع ولا بتاريخ هذا الوطن العريق .

الصورة التي قدمناها اليوم هي صرخة عميقة  من جبالا الأطلس المتوسط ، توثق اليوم بالواضح لحظة جلوس الفنان الأمازيغي عروب أمام طاولة متواضعة  لصنع طرابيش بسيطة من أجل لقمة العيش ،هو تسجيل لمشهد ركيك وهش لوضعية الفنان الشعبي المغربي عامة ، وهذه  شهادة لا غبار عليها على مسار الفنان عروب الذي عاش أوج وسخاء في العطاء الفني الأمازيغي وهو حاليا يتذوق مرارة الإهمال والإبعاد الاجتماعي . ولعل صورة جسده المنهك، جالسًا أمام حذائين باليين، وكأنها رسالة رمزية عن مسار طويل استُنزف دون مقابل كريم.

  • الإبداع الذي لم يُترجم إلى كرامة

عروب، صاحب النغمة الوترية المرموقة، لم يكن يوما مجرد فنان تغيب عنه مبادئ الفن الغنائي الأمازيغي ولا كان  مؤدٍ بسيط على المسرح الأداء ولا صوتًا يستهان به  في حلقات النغم والطرب الوتري الأمازيغي الشعبي بالأطلس المتوسط ؛ بل كان فنانا عضويا  مناضلا بشعره وآلته الوترية وعنصرًا فعالًا ومهما في صناعة وترسيخ ذاكرة موسيقية جماعية للأطلس المتوسط في امتداداتها الحضرية والتاريخية . لقد جاور الفنان عروب كبار الموسيقيين والمبدعين الأمازيغ، وأعطى من وقته ووجدانه وسنين عمره بسخاء لكي تصمد وتظل هذه الهوية الغنائية الأمازيغية حيّة في الحياة القافية والاجتماعية الامازيغية في السهرات والطقوس وجميع المناسبات التي تنتصر للفرح الجماعي والفردي . ومع ذلك، تكشف شهادات الواقعة ومحيطه الاجتماعي أن هذا العطاء الكبير لم يترجم إلى حماية اجتماعية أو كرامة معيشية تليق بتضحياته الجسام. بدل أن يتمتع هذا الفنان المبدع بحياة كريمة تقابل خدماته الفنية الكبيرة ، ها هو اليوم يضطر مرغماً إلى نسج الطرابيش التقليدية لكسب قوت يومه لحفظ كرامته وكبريائه ،مع أن المرض أقعده عن أي نشاط حركي، ليُصبح رمزًا حيًا للتهميش بدل أن يكون قدوةً مكرَّمة.

هذا الانقلاب  والتراجع المهول من مركزية فنية لامعة للفنان عروب إلى هامش اجتماعي مبتذل ليس محض صدفة، بل هو نتيجة تراكمية لضعف سياسات الحماية الاجتماعية للفنانين الشعبيين بالمغرب ، وللرؤية الثقافية التي تميل إلى الاحتفاء العرضي بالموروث دون بناء آليات مستدامة لصيانة من حملوه. احتفاء المهرجانات والتصوير الصحفي لا يكفيان إذا لم يقترنا بإجراءات تحفظ للفنان دخلاً ثابتًا، وتغطية صحية، وتوثيقًا لمنجزه، وبرامج إدماج اجتماعي. وفي دولة تدّعي “دولة الحقّ والقانون” يصبح السؤال أخطر: كيف تُروّج القوانين والحقوق في الأوراق، بينما يبقى من صانوا هوية المجتمع محرومين من أبسط حقوق العيش الكريم؟

المسألة المشكلة هنا ليست هي من أجل دعوة لرحمة عابرة فحسب، بل هي مطالبة استعجالية  بمساءلة مؤسساتية وأخلاقية عن هذه الرواسب والنتائج التي وصلت إليها هذه الفئة المبدعة من المجتمع المغربي. إن تجاهل حالة عروب يعكس فشلاً مزدوجاً للجهات الوصية على القطاع : فشل في الاعتراف الثقافي الأصيل  وفشل في الضمان الاجتماعي لصون كرامة الفنان  . لذلك يجب أن يتحول التعاطف العام إلى إجراءات تطبيقية ملموسة: تدخل عاجل لتأمين العلاج والدعم المادي لكل فنان معوز ، إدماجهم الفوري في أنظمة التغطية الصحية أو برامج ضامنة للدخل القار ، وتوثيق لمنجزهم الفني الذي يحفظ أعمالهم ويضمن لهم حقوقهم المعنوية والمادية. كما يجب أن يكون هذا الانتباه فرصة لإعادة النظر في السياسة الثقافية الوطنية لتصبح شاملة ، لا متجزأة تعطي للموروث الثقافي المغربي عامة  رعايةً مؤسساتية تحفظ الكرامة قبل أن نكتب عنه كتب التاريخ.إن قياس حضارة الأمم لا يُقاس فقط بما تنتجه من أعمال فنية، بل بمدى احترامها لمن أفنوا حياتهم في إنتاج تلك الأعمال. إن ترك الفنان عروب لمصيره يعاني الأمرين وسط الفقر والمرض ليس خطأً خاصًا به فقط ؛ إنه امتحان للضمير الحي للمجتمع ولمؤسساته. والأمر الوحيد المقبول الآن هو التحرك السريع لإنقاذ إنسانٍ أعطى الكثير، وإقرار آليات تحمي كل من سيسير على دربه لاحقًا، لأن الكرامة لا تُهدى، ولا تُؤجل.

من يكرم الفنان في وطنه؟ عرُّوب… صوت أمازيغي أطلسي يتوارى في صمت النسيان بين صورة الماضي وصورة الحاضر - AgadirToday

  • سياسة ثقافية جانحة

إن ما يعيشه الفنان الأمازيغي عروب من إهمال قسري لا يمكن لنا أن نستسيغه بسهولة لأنه لم يعد مجرد حالة إنسانية عابرة قد يمحوها الزمن والنسيان بسهولة ، بل هو إنذار صارخ وفاضح ومؤشر صريح على الخلل العميق في البنية الثقافية والسياسات العمومية بالمغرب. فالمشهد المتكرر بدون علاج لا يبشر بالخير، ولا يساهم في بناء الثقة بين الفنانين والمؤسسات الوصية على الثقافة، بل يزيد من الإحباط وفقدان الأمل في جدوى الحديث عن دعم الإبداع وصيانة التراث. هذه الحالة لا يمكن النظر إليها كواقعة فردية، ولهذا  ينبغي اعتبارها صورة لحالة نموذجية عن فشل متكرر للسياسات الثقافية بالمغرب ، إذ تفرز الأعطاب الاجتماعية التي تُقصي المنتجين الحقيقيين للثقافة وتُضعف مكانتهم في المجتمع.لقد كان الفنان الأمازيغي والشعبي عامة ، منذ عقود، ركيزة أساسية في تشكيل وجدان جماعي متراس وهوية ثقافية وطنية أصيلة. ومع ذلك، غالبًا ما يُختزل دوره في “واجهة جمالية استهلاكية رخيصة ” أو “يافطة إعلامية للترويج المجاني ” تستعملها المهرجانات والمناسبات الرسمية لتلميع صورة المؤسسات الوصية . وهنا يظهر الوجه الآخر للمشهد: فبينما يُستدعى الفنان لتزيين وللتسويق الاحتفالات والتظاهرات الفنية ، ويُعرض إنتاجه كجزء من “الديكور الثقافي”، يُترك لاحقًا لمصيره الفردي حين يخفت بريقه أو يضعف عطاؤه بفعل المرض والزمن.

هذا التناقض الهش يعكس سياسة ثقافية هجينة مركبة ، تُدار بمنطق “الاستهلاك الثقافي المبتذل” بدل “الرعاية الثقافية وحفظ الكرامة”. فالثقافة في بعدها المؤسسي صارت أقرب إلى مشروع مناسباتي عابر منها إلى رؤية استراتيجية تؤمن بأن حماية الفنانين جزء لا يتجزأ من حماية الهوية الوطنية. والأخطر في ذلك أن هذا النموذج أفسح المجال لهيمنة الوسطاء والسماسرة، الذين جعلوا من الثقافة مجالًا للريع والزبونية والاسترزاق والاغتناء السهل ، بدل أن تكون أفقًا للعدالة الرمزية والاجتماعية.إن إهمال الفنان عروب وغيره من الفنانين الشعبيين المغاربة يكشف  بوضوح مدى غياب العدالة الثقافية والاجتماعية. ففي الوقت الذي تُضَخ فيه ميزانيات ضخمة في المهرجانات والملتقيات الفارغة في المحتوى والمضمون، يعيش رواد الفن في الأطلس والريف وسوس وغيرها في كل مناطق المغرب ظروفًا قاسية و مأساوية. هنا يطرح السؤال الجوهري: أي معنى لسياسة ثقافية لا تُترجم إلى صون لكرامة من صنعوا هذه الثقافة بأجسادهم وأصواتهم وذاكرتهم؟

إن إعادة النظر في هذه السياسة باتت ضرورة وطنية ملحة ، ليس فقط لإنصاف الفنانين الذين يعيشون اليوم على الهامش، بل أيضًا لبناء ثقة جديدة بين المجتمع ومؤسساته. فالثقافة بهالتها الكبيرة لا تقتصر وظيفتها على فعل تلميع الصورة الخارجية المنمقة بمساحيق زائلة للمؤسسات ، بل هي عمق وذاكرة جماعية وهوية عريقة لا تقبل التهميش ؛ ومن يهمل ويهمش الفنان الأصيل صانع الثقافة والهوية الرمزية للإنسان ، يهمل ويقتل الذاكرة الجمعية برمتها.

  • نداء إلى الضمائر الحية

النداء بالصوت  العالي والصارخ في وجه كل من له أنفة  وغيرة على التراث الغنائي الأمازيغي ، والاستنكار موجه بالخصوص إلى السلطات الوصية على الثقافة بالمغرب ، وإلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والجماعة الترابية لخنيفرة ، والجمعيات الثقافية الأمازيغية  والميسورين و إلى كل الغيورين على الفن وعلى فناني هذا الوطن العميق في التاريخ :  كرامة الفنان جزء من كرامة المجتمع المغربي . المطلوب ليس فقط مساعدات ظرفية عابرة  لإسكات هول وصدى  الصورة والنص ، بل يجب التفكير العميق في وقف هذا النزيف الاجتماعي  الذي يطال المبدعين الأمازيغ  ووضع آليات مؤسساتية لحماية الفنانين الشعبيين عامة :

  • توصيات
  1. إحداث صندوق وطني لدعم رواد الفن الشعبي الأمازيغي بميزانية قارة، وبمساهمة وزارة الثقافة والجماعات الترابية والمحسنين.
  2. تعميم التغطية الصحية الخاصة بالفنانين مع مسطرة استثنائية لذوي الأمراض المزمنة وكبار السن.
  3. إطلاق برنامج وطني لتوثيق ذاكرة الأغنية الأمازيغية بالصوت والصورة، مع إدراج سير الرواد في الأنشطة الثقافية والتربوية.
  4. إحداث بيوت الفنان بالأطلس المتوسط كمراكز اجتماعية وثقافية لرعاية الفنانين وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية لهم.
  5. تنظيم مهرجان سنوي لتكريم الرواد وتخصيص ريعه لدعمهم ماديًا ومعنويًا في حياتهم.

خاتمة

إن مأساة الفنان الأمازيغي عروب لا تمثل الواقعة الشخصية المعزولة والخاصة به ، بل تكشف عن أعطاب في بنية اجتماعية هشة تعاني منها المنظومة الثقافية والاجتماعية في المغرب. فهي صورة مكثفة تؤرخ لوضعية اجتماعية مزرية عامة يعيشها عدد كبير من رواد الفن الشعبي الأمازيغي الذين وهبوا حياتهم للإبداع الأصيل، والمؤسف أنهم وجدوا أنفسهم في لحظة ضعف أمام قسوة المرض والتهميش، دون حماية مؤسساتية تحفظ لهم كرامتهم وترد لهم الاعتبار.إن ما يتعرض له هؤلاء الفنانين هو في جوهره مساس بالذاكرة الجماعية المغربية، وتفريط في مكون جامع وأساسي من مكونات الهوية الثقافية الوطنية. فالفنانون ليسوا مجرد أصوات أو عازفين عابرين، بل هم بناة ومؤرخو وجدان جماعي ووسطاء رمزيون نقلوا إلينا قيماً ومعانٍ راسخة في عمق الثقافة الأمازيغية والمغربية ككل. وإهمالهم يعني بوضوح إضعاف الرابط الذي يجمع الأجيال بذاكرتها الفنية والرمزية.

إن قضية عروب اليوم تتجاوز البعد الفردي لتصبح قضية مجتمع كامل، وقضية ثقافة تُهان حين يُهان مبدعوها. فهي لحظة اختبار حقيقي لمدى صدق المؤسسات الوصية على الثقافة والفنون في الوفاء بالتزاماتها، ولقدرة المجتمع المدني على الدفاع عن رموزه وصون كرامتهم في هدوء وسلم اجتماعي . فالكرامة ليست امتيازاً يمنح عند الحاجة، بل حق أصيل يقتضي الاعتراف الرسمي والدعم المادي والمعنوي، والتكريم في الحياة قبل الممات.وإذا استمر هذا الصمت الجماعي، فإننا لا نخسر فقط فناناً أو ذاكرة فردية، بل نساهم في محو إرث حضاري غني كان له الدور الحاسم في صياغة الوجدان الجماعي للمغاربة. ومن ثَم، فإن الإنصاف الحقيقي للفنان عروب ولغيره من رموز الفن الأمازيغي، لن يكون في لحظة تأبين متأخرة بالنسيان كما هو حال الفنانة الامازيغية عائشة ثاغزافت التي توفيت في صمت رهيب كأنها لم تكن يوما ناطقة بالحق والعدل في الحياة ، بل هو اقتصار وفعل مؤسساتي ومجتمعي جانح يبخس المنجز الفني الأمازيغي ولايُعلي قط من قيمته الإبداعية ، ولا يصون كرامة حامليه باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من صون كرامة الوطن نفسه.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى