
أخنوش خاطب المغاربة بأسلوب رجل الدولة الهادئ المتمكن من الملفات والأرقام..
شَكَّل الحوار الذي أجراه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، مساء أمس الأربعاء مع قنوات القطب العمومي ما يكاد يُشبه غَرْبَلة حقيقية للمشهد السياسي المغربي، هذا المشهد الذي يُزكي حقيقة واحدة: قِلَّة تشتغل وكثيرون يصرخون!
هذه هي القاعدة التي تعكس اليوم الصورة الكاريكاتورية للمشهد السياسي في بلادنا، ففي الوقت الذي تَصدح الساحة السياسية بالكثير من الصراخ، وانتشر الخطاب الشعبوي وتعالت الأصوات الباحثة عن مِشجَب تُعلق عليه إخفاقاتها وعجزها البنيوي، ظهر عزيز أخنوش بشكل مختلف، وهو يخاطب المغاربة بأسلوب رجل الدولة الهادئ المتمكن من الملفات والأرقام .. المبتهج بالإنجازات المهمة التي تم تحقيقها في ظرفية اقتصادية وصحية ومناخية صعبة.
حوار أخنوش الذي بُثَّ على مدار ساعة و16 دقيقة على القناتين “الأولى” و”الثانية”، يمكن أن نستخلص من خلاله مجموعة من الملاحظات، التي تعكس التحولات العميقة التي أحدثها أسلوبه في المشهد والخطاب السياسي المغربي:
أولا، هدوء أعصاب يَنِمُّ عن الثقة في النفس: حيث ظل رئيس الحكومة طيلة أطوار الحوار محافظا على هدوئه، ويجيد صب الماء البارد على الأسئلة الحارقة، مما يؤكد ثقة الرجل في نفسه، وفي جودة العمل الذي قام به بمعية فريقه الحكومي على مدى الـ 48 شهرا الماضية.
ثانيا، النجاح في إعادة الاعتبار لمؤسسة رئاسة الحكومة: وهذا ما نلمسه في طبيعة الخطاب الذي استعمله.. خطاب يتسم بالترفع عن صغائر الأمور .. خطاب يتحمل فيه الرجل المسؤولية السياسية كاملة، فلا هو اتهم جهة أو أشخاصا بفرملة عمله، ولا اتهم تماسيح وقال عنهم “كيديرو ليه العصى فالرويضة”، ولا قال إنه مجرد رئيس حكومة وأن من يتحمل الإخفاقات هي جهات أخرى كما كان يفعل البعض.
ثالثا، رئيس لكل الأغلبية ويتقاسم النجاحات مع حلفائه: فعلى عكس باقي التجارب السابقة التي كانت تعرف الكثير من التشرذم، أصر أخنوش أن يدافع عن منجزات حكومته، وهو يستحضر تماسك أغلبيتها، ويؤكد أن الحصيلة التي تم تحقيقها يعود الفضل فيها لأغلبية قوية ومتماسكة، ولم يتحدث الرجل بمنطق “أنا وحدي مضوي البلاد” كما فعل بعض نظرائه السابقين.
رابعا، وعي تام بالأدوار الدستورية للمعارضة: حيث لم يُفوِّت الفرصة للإشارة إلى المعارضة، بل والتنويه بأدوارها الدستورية، وذلك من خلال تأكيده أن الحكومة تأخذ بعين الاعتبار مشاريع القوانين التي تقترحها المعارضة، وتتفاعل مع أسئلتها الكتابية، مما يُفنِّد أطروحة “التغول” التي يرددها البعض.
خامسا، لا صدام بين رئيس الحكومة ووزير الداخلية: حيث دافع أخنوش عن وزارة الداخلية كطرف محايد في الاعداد للانتخابات وتنظيمها، وتكلم عنها كطرف فاعل في إعداد الاستراتيجيات الحكومية ذات البُعد الترابي على غرار إعداد الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية، ليُفنِّد بذلك مزاعم بعض الأصوات التي حاولت أن تصور أن هناك برودا بين الطرفين.
سادسا، تدبير أمثل للزمن الحكومي والتنموي: حيث فَصَل أخنوش ما بين الزمن الحكومي والزمن السياسي، وأكد أن الزمن الحكومي والتنموي لن ينتهي إلا مع آخر دقيقة من عمر حكومته، وأنه لا يفكر حاليا في الانتخابات بقدر ما يضع على رأس أولوياته التنزيل الأمثل لبرنامجه الحكومي، وتنفيذ مختلف البرامج الملكية وفق الأجندة الزمنية المحددة.
سابعا، وعي تام بالزمن الاستراتيجي للدولة: حيث ظهر أخنوش في جلباب الرجل الذي يُفرِق بين الزمن السياسي الذي يحكم عمل الحكومات المتعاقبة والزمن الاستراتيجي للدولة، خاصة وهو يتحدث عن احتضان بلادنا لكأس العالم 2030، والمشاريع المرتبطة به، فمنطق أخنوش هو أن المواعيد الدولية التي ستستقبلها بلادنا ليست غاية في حد ذاتها، بقدر ما هي مرحلة في مسار التنمية الذي يقوده جلالة الملك لبناء مغرب المستقبل.
- بقلم رضوان مبشور

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News