
موريتانيا : توقيف صحفيين وخطورة التضييق على حرية الإعلام
- بقلم: سيداتي بيدا //
في مشهد يعكس تصعيداً خطيراً ضد حرية الصحافة، شهدت موريتانيا خلال الأسبوع الماضي توقيف ثلاثة صحفيين أثناء تأدية مهامهم الإعلامية، وسط ظروف وصفها مراقبون ومنظمات حقوقية بأنها “ترهيب مباشر” ومخالفات صريحة للدستور وللمعاهدات الدولية التي تحمي حقوق الصحفيين.
الصحفيون الثلاثة الذين وقعوا ضحايا هذا التضييق هم: الأستاذ أبوبكر ولد محمد فال من وكالة الأخبار المستقلة، والمصور الصحفي محمد عبد الله ولد المصطفى، بالإضافة إلى أحمد ولد بتار مدير موقع “راييد” الإلكتروني. هؤلاء الزملاء كانوا يؤدون عملهم الصحفي الحر، لكن بدل أن ينالوا الدعم والحماية، وجدوا أنفسهم عرضة للاعتقال والتوقيف من قبل جهة أمنية تتحرك خارج إطار القانون.
لم تعد هذه الحالات مجرد حوادث عابرة، بل باتت إنذارا حقيقيا يبعث على القلق إزاء حرية التعبير في موريتانيا. إذ بات واضحا أن هناك جهات تمارس ممارسات ممنهجة تهدد استقلالية وحرية الصحافة، ما يضع مصداقية الإعلام الوطني على المحك، ويهتز على أثرها ثقة المواطن بمؤسساته.
منظمة “مراسلون بلا حدود” كانت صريحة في إدانتها لهذا الوضع، مؤكدة أن سلب الحرية بهذا الشكل لا يمكن أن يكون حلا لأي مشكلة، ولا يجوز أن يُستخدم كأداة ترهيب. إنها مخاطر تتجاوز الصحفيين أنفسهم لتطال حقوق كل المواطنين في المعرفة والشفافية والمساءلة.
إن التضييق على الصحافة لا يضر فقط بالعاملين في المهنة، بل هو ضريبة ثقيلة تدفعها الديمقراطية والمجتمع المدني. فالصحافة حرية وحق مقدس، وكل محاولة لإخماد صوتها تسهم في انتكاس المسار الديمقراطي وتفتح الباب أمام انتهاكات أكبر.
على السلطات الموريتانية أن تدرك أن تقديم الصحفيين إلى التحقيق أو توقيفهم في ظروف غير قانونية هو انحدار خطير في ملف حقوق الإنسان. وينبغي أن يتم إصدار تعليمات واضحة لوقف جميع أشكال المضايقات والاعتقالات التعسفية للصحفيين فوراً، مع ضمان بيئة آمنة وصحية للعمل الإعلامي.
وفي النهاية، نقولها بقلوب صادقة وأسئلة حازمة: هل صار التعبير عن الحقيقة جريمة يعاقب عليها القانون؟ هل صار القلم والكاميرا عدواناً على الدولة؟ إن الصحافة ليست خصماً، بل ركيزة أساسية لأي نظام عادل وديمقراطي.
الصحافة ليست جريمة، ولا يمكن أبداً وأيّاً كان الظرف أن تُكمم الكلمة أو تُحصر الحقيقة خلف القضبان.
إن استمرار هذه السياسات لن يضر فقط بالمستهدفين مباشرة، وإنما سيؤدي حتماً إلى فقدان ثقة المواطن في مؤسسات الدولة، وهو ثمن باهظ لن يتحمله أي مجتمع يطمح إلى مستقبل.
- عضو الاتحاد الدولي للصحافة العربية

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News