المغرب اليوم

ناصر الزفزافي بين لحظة الوداع ورسالة الوطن..

  • حسن كرياط //

قال الزفزافي: “وجودي بين عائلتي وأبناء مجتمعي اليوم، ليس مكسبًا شخصيًا، بل هو انتصار للوطن كله.”

في لحظة إنسانية مؤثرة، ارتفعت كلمات ناصر الزفزافي، قائد “حراك الريف”، من فوق سطح منزل عائلته بالحسيمة، لتتجاوز حدود المكان والزمان. الزفزافي، الذي خرج بترخيص استثنائي لحضور جنازة والده، لم يتحدث بلسان السجين ولا بلسان المعارض، بل بصوت الابن الذي يحتضنه وطنه الكبير.

قال الزفزافي: “وجودي بين عائلتي وأبناء مجتمعي اليوم، ليس مكسبًا شخصيًا، بل هو انتصار للوطن كله.” ثم أردف مؤكداً أن الوطن بالنسبة إليه ليس رقعة جغرافية ضيقة، ولا حدودًا مرسومة على الخريطة، بل هو فضاء جامع يمتد من أقصى الصحراء إلى الشمال، ومن الشرق إلى الغرب، حيث يذوب الخاص في العام، وتنتصر المصلحة الوطنية على كل اعتبار.

هذا التصريح لم يكن مجرد كلمات عابرة، بل رسالة مشحونة بالرمزية: فالمصالحة الحقيقية تبدأ من لحظة اللقاء بين الفرد والجماعة، بين الدولة والمجتمع، وبين الحلم والأرض. في حضرة الموت – جنازة والده – بدا صوت الزفزافي أقرب إلى دعوة للحياة: حياة قائمة على الوحدة والتلاحم، وعلى إدراك أن الاختلاف لا يلغي الانتماء، بل يثريه.

لقد تحوّلت لحظة الوداع إلى لحظة عهد جديد: عهد يذكّر بأن النضال مهما اتخذ من أشكال، يظل في عمقه تعبيرًا عن حب الوطن. وأن التضحية لا معنى لها إذا لم تكن في سبيل رفعته. وكأن الزفزافي أراد أن يقول إن الريف ليس جزيرة معزولة، بل جزء من جسد المغرب، وأن جراح أي منطقة هي جراح الوطن كله.

إنها كلمات تستحق أن تُقرأ بعمق، لأنها تتجاوز الموقف العابر لتفتح أفقًا أوسع: أفق وطن يتسع لأبنائه جميعًا، مهما اختلفت أصواتهم، ومهما تعاقبت الأزمات.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى