
الشأن العام: مساهمة في نقاش التدبير التشاركي بين المنتخبين والشركات الخاصة..
في البدء :
منذ بداية الألفية الجديدة دخل المغرب مرحلة انتقالية في تدبير الشأن المحلي، حيث تم إدماج مقاربات جديدة تقوم على التدبير التشاركي بين المنتخبين والسلطات العمومية والشركات الخاصة. هذه التجربة، التي تنبني على الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، شكلت قفزة نوعية في طريقة تدبير المدن، سواء على مستوى البنيات التحتية أو الخدمات العمومية.
ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، يزداد الجدل بين الفاعلين السياسيين والمدنيين حول حصيلة هذه التجربة، هل استطاع التدبير التشاركي تحسين حياة المواطنين فعلاً؟ أم أنه مجرد آلية لتقليص مسؤولية المنتخبين ونقلها إلى القطاع الخاص؟
الإجابة ستبقى رهينة بتقييم موضوعي للمنجزات والاختلالات، خاصة في مدن مثل أكادير التي تُراهن على هذا النموذج كأداة أساسية لنهضتها الاقتصادية والاجتماعية
تجربة المدن المغربية:
الرباط: انخرطت العاصمة في تجربة تدبير النفايات والنقل الحضري عبر شركات متخصصة، وهو ما انعكس على تحسين صورة المدينة وتحديث خدماتها.
طنجة: عاشت نقلة نوعية بفضل مشاريع كبرى مثل طنجة الكبرى، حيث لعبت الشركات دوراً محورياً في تدبير النقل والمرافق العمومية، بتنسيق مع الجماعة والسلطات.
مراكش: عرفت هي الأخرى اعتماد هذه الصيغة في مجالات النظافة والإنارة العمومية، مما ساهم في الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للساكنة والسياح.
أكادير حالياً: تعيش الجماعة على إيقاع تجربة مماثلة، خصوصاً مع مخطط التنمية الحضرية الذي يعرف تدخلات مشتركة بين الجماعة، الشركات الخاصة، والسلطات الترابية، في أفق جعل المدينة قطباً سياحياً واقتصادياً.
من إيجابيات التجربة:
تحسين جودة الخدمات: الشركات الخاصة تمتلك الخبرة والوسائل التكنولوجية المتطورة، مما ينعكس على جودة التدبير.
تخفيف العبء عن الجماعات: يتيح هذا النموذج للجماعات التركيز على التخطيط والمراقبة بدل التدبير المباشر.
جلب الاستثمارات: يساهم إشراك القطاع الخاص في إنعاش الاقتصاد المحلي وتوفير فرص الشغل.
عود على بدء:
تؤكد تجربة التدبير التشاركي بين المنتخبين والسلطات والشركات الخاصة أن المدن المغربية، ومنها أكادير، دخلت مرحلة جديدة في تدبير الشأن العام، حيث ارتفعت جودة الخدمات وتوسعت الاستثمارات.
لكن في المقابل، ما يزال النقاش محتدماً بين المؤيدين والمعارضين. وإذا كان المؤيدون يعتبرون أن هذه التجربة وفرت حلولاً عملية لضعف إمكانيات الجماعات، فإن المنتقدين يكتفون بالتشكيك والاتهام دون تقديم بدائل واقعية.
الملاحظة الأبرز أن غياب بدائل عملية أخرى يعكس أيضاً تراجع دور الأحزاب في تأطير المواطنين وإشراكهم في صياغة الحلول الممكنة، مما يفتح الباب أمام استمرار النقاش دون أرضية واضحة للتغيير.
ويبقى الرهان المطروح اليوم هو الموازنة بين النجاعة الاقتصادية والبعد الاجتماعي، مع الحرص على أن تكون مصلحة المواطن في صلب أي تجربة مستقبلية.
*ملاحظة : سنعود للموضوع في نشر آراء أخرى لإغناء النقاش.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News