العالم اليوم

سخافة “لوموند” : حكاوي إبليس..وأستراتيجية التبخيس..

  • بقلم : بوشعيب حمراوي * //

يبدو واضحاً أن كاتب حكاوي جريدة لوموند لا يسعى إلى تقديم قراءة موضوعية أو موثقة لمسار حكم الملك محمد السادس، بقدر ما ينخرط في بناء سردية انتقائية تقوم على أسلوب “نقطة الضوء والطلاء الأسود”. فهو يمنح ومضة أمل صغيرة، ثم يسارع إلى تبخيسها عبر سلسلة من العبارات الإنشائية التي تفتقر إلى المصادر الموثوقة والمعطيات الواقعية.

مما يؤكد أن وراء سلسلة الحكاوي التي تستهدف المملكة الشريفة اعداء وخصوم لم يوفقوا في المواجهات السياسية والاقتصادية  المباشرة. فقرروا استعمال سلطة الاعلام المأجور طمعا في تحقيق اوهامهم وإشباع غرائزهم اللاإنسانية معتمدين على اعلان إبليس الذي يؤمن بسلطة  الأموال و شرعية النفوذ. 

مستعد لخوض كل مزاد علني او سري  من اجل الفوز بالصفقات وعقد الشراكات المشبوهة. منها صفقة تبخيس النهضة المغربية. وتمييع المسار الملكي .أملا في احداث زعزعة داخلية … يعلم كل العالم انها مستحيلة في ظل التماسك القوي بين الملك والشعب .. 

يؤكد الكاتب في بعض فقراته على نهضة الدبلوماسية المغربية، وعلى المكانة التي أصبح المغرب يحظى بها في المنتظم الدولي، لكنه سرعان ما يناقض نفسه حين يصور الداخل المغربي وكأنه يعيش جموداً مطلقاً بلا أي رؤية إصلاحية.

هذا التناقض يكشف عن غياب الانسجام الفكري: فكيف لدول كبرى ومؤسسات دولية أن تبني شراكات استراتيجية مع المغرب لو لم تكن تلمس استقرار مؤسساته وصدقية إصلاحاته؟

من الناحية العلمية، الحكاوي الفرنسية تفتقد إلى أبسط شروط التحليل الرصين: لا أرقام، لا إحصائيات، لا إحالات على تقارير رسمية أو دولية، ولا حتى مقارنات موضوعية مع تجارب مشابهة. ما يقدمه الكاتب هو مجرد انطباعات ذاتية تحاول إقناع القارئ بأن الإصلاحات مجرد شعارات.

بينما الواقع يكشف أن المغرب قطع خطوات ملموسة في مجالات:

التنمية الاجتماعية: مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، توسيع التغطية الصحية، إصلاح أنظمة الدعم.

الحكامة المؤسساتية: دستور 2011 الذي عزز صلاحيات الحكومة والبرلمان، وإنشاء مؤسسات دستورية مستقلة كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

البنية التحتية والاقتصاد: ميناء طنجة المتوسط، القطار فائق السرعة “البراق”، والاستثمارات الكبرى في الطاقات المتجددة.

خطورة حكاوي من هذا النوع تكمن في أنها تقدم صورة مشوهة للقارئ المغربي، وتُعزز ثقافة اللاجدوى و”القدرية السياسية”، وكأن الشعب عاجز عن صناعة مستقبله أو المساهمة في إصلاح وطنه. الكاتب يعمد إلى إطفاء أي بارقة أمل، عبر التركيز على السلبيات النادرة والاكاذيب  وإغفال المكتسبات.

لكن المتابع للشأن المغربي يدرك أن مسار الإصلاح ليس خطاً مستقيماً، بل مسار متدرج، تخللته صعوبات وإكراهات موضوعية، ومع ذلك تم الحفاظ على الاستقرار في محيط إقليمي متقلب.

من بين التناقضات الكبرى في طرح الكاتب، أنه يعترف ضمناً بمكانة المغرب الدبلوماسية ونهضة سياسته الخارجية، لكنه لا يريد الاعتراف بأن هذه المكانة ليست ممكنة في غياب شرعية داخلية ومصداقية إصلاحية.

فالمجتمع الدولي لا يغامر بعقد تحالفات استراتيجية طويلة المدى مع أنظمة منهارة أو فاقدة للثقة الشعبية. الواقع أن ثقة العالم في المغرب هي انعكاس لنجاحات داخلية تراكمت خلال أكثر من عقدين ونصف.

ماذا ربحت  جريدة لوموند وماذا خسرت بنشرها  لحكاوي ألف كذبة وكذبة؟ 

على جريدة لوموند أن تجري تقييماً واقعياً لما تسرده من أوهام عبر صفحاتها، ولما تحاول إظهاره من فسادٍ واختلالات عن “مغرب وهمي” صنعته مخيلتها.

فلتسأل نفسها: ماذا خسر المغرب من عفن مقالاتها؟

كم من دولة أعادت النظر في علاقاتها مع المغرب بسبب تقاريرها؟

كم من مغربي شكرها على دعمها ومؤازرتها؟

الجواب واضح: لا شيء.

رأس المغرب الشامخ لم تهتز منه شعرة واحدة، وخربشات  لوموند لم تكن سوى حكاوي العرّافات التي يتسلى بها القراء المغاربة  وهم مستلقين في بيوتهم أو مستمتعين بمياه ورمال الشواطئ الذهبية .

كم من مغربي ألغى عطلته خوفاً من النهاية التي أعلنتها “العرافة لوموند”؟

كم من مغربي بدأ يعد العدة لمواجهة ما بشرت به “شقيقة ليلى عبد اللطيف”؟

وكم من مغربي قرأ “اللطيف” وهرع لطلب اللجوء إلى فرنسا؟

الجواب مرة أخرى: صفر كبير

إن النقد البناء مطلوب وضروري، لكن ما ورد و يرد في حكاوي العالم الفرنسي ليس نقداً موضوعياً بقدر ما هو محاولة للتشويش على مسار إصلاحي قائم. 

لكنه لم ينجح في زعزعة ثقة الشعب في مؤسساته، ولا في وقف مسار الإصلاح والتنمية. المغرب يسير بخطى واثقة، والدبلوماسية المغربية اليوم ليست انعكاساً للفراغ، بل ثمرة مسار طويل من الإصلاحات العميقة التي أزعجت خصومه وأفقدتهم وتوازنهم .

فالتجربة المغربية ليست مثالية ولا خالية من النقائص، لكنها تجربة إصلاحية حقيقية ومتدرجة، استطاعت أن تجعل من المغرب نموذجاً فريداً في المنطقة: استقرار سياسي، إصلاحات متواصلة، واعتراف دولي متزايد بمصداقيته. 

*صحفي وكاتب                                                       

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى