الاقتصاد

المشهد العام لسوق الشغل بالأرقام (2024–2025)

  • بدر شاشا //

تراجع معدّل البطالة إلى 13.3% وطنياً في الربع الأول من 2025 (16.6% حضرياً، 7.3% قروياً)، مع بقاء البطالة مرتفعة لدى الشباب 15–24 سنة: 37.7% والنساء 19.9%.

سجّل القطاع الخاص المُصرَّح به توسعاً: +122 ألف في المتوسّط الشهري للعمّال المصرّح بهم لدى CNSS سنة 2024، وارتفاع في متوسّط أيام التصريح.

دينامية “العمل لحسابه (Auto-entrepreneur): بلغ عدد المسجَّلين 431,150 في 2023 (+6% سنوياً)، مع تصريحات رسمية تشير إلى قرابة 400 ألف نشط في 2024.

اتجاهات هيكلية: انتقال الشغل تدريجياً من الفلاحة إلى الصناعة والخدمات، مع تحديات مشاركة النساء والشباب كما تُبرزها معاينة منظمة التعاون والتنمية (OECD) لعام 2024.

أولاً: التشغيل الذاتي (العمل لحسابك) ما الذي يميّزه؟

مرونة الدخول وكلفة إدارية وضريبية منخفضة نسبيّاً ضمن نظام “المقاول الذاتي” (سقوف رقم المعاملات: 500 ألف درهم للبيع/الصناعة/الحِرَف و200 ألف للخدمات).

قناة إدماج سريعة للخريجين ومن غادروا القطاع غير المهيكل نحو وضع قانوني مبسّط، وعدد معتبر من النشطاء الفعليين (≈400 ألف في 2024).

الإيجابيات

. المرونة والابتكار: حرية اختيار النشاط والتسعير، وسرعة اختبار الأسواق المتخصّصة أو الرقمية.

. خفض الحواجز: مسطرة تسجيل مبسّطة وإطار ضريبي مُيسَّر مقارنة بالشركات الكلاسيكية.

. رافعة للاندماج الاقتصادي: أداة انتقال من الهشاشة القانونية إلى وضع منظَّم (فواتير، تعاقدات، فرص تمويل).

السلبيات/المخاطر

. هشاشة الدخل وعدم الاستقرار الموسمي، وعبء المخاطر كاملاً على الفرد (مرض/تعطّل الطلب).

. حدود النمو: سقوف رقم المعاملات تقيِّد التوسّع، ووجود “ضريبة اقتطاعية” على الخدمات فوق عتبات معيّنة مع زبون واحد (نقاشات لرفع بعض العتبات دون إصلاح شامل).

. تذبذب الانخراط: تباطؤ في الالتحاقات الجديدة ببعض السنوات وتفاوت في الاستدامة، مع إشارات إلى تَرك البعض للنظام عند صعوبات السوق.

. محدودية الحماية الاجتماعية إذا لم تتم المساهمة بانتظام، وصعوبة الوصول لتمويلات متوسطة/كبرى.

ثانياً: التشغيل في القطاع الخاص (الأجير المصرّح به) ما الذي يميّزه؟

علاقات شغل رسمية، تصريح لدى CNSS، واستفادة أوضح من التغطية والحماية، مع توسّعٍ صريح في 2024 (+122 ألف أجير).

الإيجابيات

. استقرار نسبي للأجر وتوقّعات الدخل، وحماية اجتماعية وتأمينية أوضح.

. تعلّم منظّم داخل المقاولة ونُظم جودة وإنتاجية ترفع المهارات القابلة للنقل.

. إمكانية الترقي المهني والوصول لتمويلات أسرية (سكن/استهلاك) بفضل دخل مُوثّق.

السلبيات/المخاطر

. تباطؤ خلق مناصب كافٍ لامتصاص الوافدين، ما يُبقي بطالة الشباب والنساء مرتفعة، رغم التحسّن الإجمالي في 2025Q1.

. عدم تطابق المهارات (skills mismatch) بين مخرجات التكوين واحتياجات المقاولات، كما تُسجّله تقارير دولية.

. هشاشة في بعض السلاسل (موسمية، مقاولاّت صغرى متقلّبة)، ما يحد من الاستقرار وطول أمد العقود.

. تفاوت الأجور والإنتاجية بين القطاعات/الجهات، وتباطؤ الترقيم/الأتمتة في شركات صغيرة كثيرة.

ثالثاً: نقاطٌ مشتركة وتحوّلات مؤثّرة

التحوّل القطاعي: انكماش نسبي للفلاحة مقابل نمو الخدمات والصناعة؛ ما يتطلّب إعادة تأهيل مهاري واسع.

إشكال الشباب والنساء: فجوة مشاركة وبطالة مرتفعة تُضعف قاعدة الطلب الداخلي والادخار الأسري.

الإصلاحات والبرامج: تراكم برامج دعم ريادة الأعمال منذ الثمانينيات حتى “فرصة” 2022–2023، مع جدلٍ حول فاعلية الدعم عندما لا يُقترن بالتأطير والمواكبة السوقية.

أيُّ المسارين أنسب… ومتى؟

ابدأ بالتشغيل الذاتي إذا كان لديك: مهارة سوقية واضحة، شبكة زبائن أوليّة، وسطيّة مخاطرة مقبولة، وقدرة على التسويق الرقمي وإدارة التدفقات النقدية.

فضّل عقداً خاصّاً إذا كنت تبحث عن: دخل مستقرّ، تأمين اجتماعي، مسار تعلم منظّم، أو تعمل في مهن تتطلب تجهيزات ورأسمال لا يتحمّله فرد.

توصيات عملية لصنّاع القرار

. إصلاح ذكيّ لنظام المقاول الذاتي: مراجعة العتبات والاقتطاعات بما يحفّز التدرّج نحو الشركات الصغرى دون “قفزة ضريبية” مفاجئة، وربط الامتيازات بالمساهمة الفعلية في الحماية الاجتماعية.

. مواكبة إلزامية عالية الجودة: تحويل الدعم المالي إلى “رزمة متكاملة” (تأهيل مهني، تصميم نموذج أعمال، تسويق رقمي، محاسبة مبسطة) مع تتبّع لأثر المشاريع على ثلاث سنوات.

. جسور بين المسارين: مسارات انتقالية من المقاول الذاتي إلى شركة صغيرة جداً (TPE) عبر حوافز تدريجية، ومن الأجير إلى الاستقلالي عبر حضانات/مسرّعات قطاعية.

. تركيز على النساء والشباب: برامج مهارات موجّهة للقطاعات الصاعدة (الصناعة الخضراء، الخدمات الرقمية، اللوجستيك، السياحة ذات القيمة المضافة) مع حضانة وحوافز تشغيل أولي.

. تحسين جودة الطلب الخاص: عبر الصفقات العمومية المراعية للصغرى والمتوسطة (حصص مخصّصة، آجال أداء مُحكمة) لتوسيع قاعدة الزبائن للشركات الصغيرة والمستقلّين.

. تعزيز الرسميّة: تبسيط رقمي أعمق للتصريح لدى CNSS والضرائب، واستمرار تتبّع نموّ الأجراء المصرّح بهم كمرآة لصحة القطاع الخاص.

يُظهر التشغيل الذاتي قدرةً عالية على الإدماج السريع وخلق الدخل في قطاعات الخدمات والمهن الحرّة، لكنه يظلّ أكثر هشاشة ويتطلّب مواكبةً وإصلاحاتٍ ذكيّة لتفادي “سقوف نموّ” وضرائب مُحبِطة.

يوفّر التشغيل بالقطاع الخاص استقراراً ومهاراتٍ تراكمية وحماية اجتماعية أفضل، لكنه ما يزال عاجزاً وحده عن امتصاص بطالة الشباب والنساء دون رفع الإنتاجية وتحديث التكوين.

الرهان الفعّال هو منظومة هجينة تُسهّل الحركة بين المسارين، وتربط الدعم بالنتائج القابلة للقياس (الدوام، الدخل الصافي، التصريح الاجتماعي، واستدامة المشروع).

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى