
سوس- ماسة في مواجهة مصيرها البيئي: منعطف تاريخي لقرض بقيمة 700 مليون درهم
- أكادير: رشيد فاسح //
في خطوة جريئة ورؤية بعيدة المدى، تستعد جهة سوس-ماسة، القاطرة الاقتصادية للمغرب، لقص خيط الاستدامة والتكيف مع التغيرات المناخية، وكتابة فصل جديد من تاريخها. في مواجهة التحديات المزدوجة والمترابطة بالإجهاد المائي والجفاف وتدبير النفايات،
حيث صادق مجلس الجهة على قرض ضخم بقيمة تقارب 700 مليون درهم. هذا الاستثمار الهائل ليس مجرد حل مالي مؤقت، بل هو إشارة إلى التزام عميق وهيكلي بمستقبل المنطقة وسكانها في إطار مخرجات المشاورات الجهوية المنعقدة مؤخرا بطنجة في ربيع 2025.
وهو يعتبر رد جريء من مؤسسة منتخبة، وذلك عبر الاستثمار في التكيف مع تحدي عطش الطبيعة والإنسان.
وباعتبارها القلب الفلاحي للبلاد، تُعد جهة سوس-ماسة في الصف الأمامي لمواجهة التغيرات المناخية وندرة المياه وتحدي الجفاف المستمر.
التصحر َتحول مناخها لشبه صحراوي جاف، ولمواجهة هذا التحديات التي فرضها الطبيعة والتنمية ، خصص المجلس جزءًا كبيرًا من هذا التمويل، أي 620 مليون درهم، لمشاريع مائية مبتكرة ومستدام، وذلك عبر
الاقتصاد في مياه من السماء والبحر، والنهج المعتمد لهذه الغاية ذو شقين من خلال تجميع الأمطار النادرة عبر بناء سدود تلية وصغيرة، حيث تسعى الجهة إلى تغذية طبقاتها الجوفية المستنزفة.
بالتوازي مع ذلك، يمثل إقتناء وحدات تحلية مياه البحر حلاً أخيراً ولكنه حيوي لتأمين إمدادات المياه الصالحة للشرب لأكادير الكبرى وباقي مدن الستة وخصوصا إيصال الماء الشروب لجميع قرى الجهة بأكملها. للحفاظ على استقرار الساكنة مواردها الفلاحية والمعيشة، تهدف هذه الاستراتيجية إلى تنويع مصادر المياه وتقليل قابلية تأثر الجهة بفترات الجفاف الطويلة.
كما ستعمل الجهة مع الجماعات المحلية والقروية على اعتماد الاقتصاد الدائري للمياه حيث لا تتوقف الخطة عند مجرد الإنتاج، بل تشمل أيضًا تطوير التطهير السائل وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة.
وهو ما يعتبر قفزة نوعية نحو نموذج تدبير لم تعد فيه المياه مجرد مورد يُستهلك ويُهدر، بل دورة مستمرة تحافظ على الثروة المائية الثمينة للأجيال القادمة وهذا هو الأهم من هذا القرض.
أما فيما يخص النفايات والمطارح، فهذه الأخيرة تعتبر مصدر للثروة والشغل والإقتصادي الدائري والنظافة
بحيث يركز المحور الثاني لهذا الاستثمار على آفة بيئية أخرى في المنطقة، وهي انتشار المطارح العشوائية بجنبات الأودية واللجوء إلى حرق النفايات .
و بمبلغ 76 مليون درهم مخصص لهذا الجانب، يعلن المجلس نهاية حقبة من التلوث غير المنضبط يوازيه برنامج جهوي للتتبع َوالتقييم.
وتشير حقبة التثمين الى ان الهدف هو استبدال نموذج الدفن القديم بنهج حديث ومُثمن. مراكز الطمر التقني والتثمين الثلاثة المخطط لها ليست مجرد حفر للنفايات، بل هي مصانع تحويل حقيقية.
ستتيح هذه المراكز استعادة الطاقة والمواد الأولية، مما يحول العبء البيئي إلى فرصة اقتصادية. وتوفير فرص الشغل وحماية البيئة.
وذلك عبر القضاء على إرث الماضي حيث يُعد إعادة تأهيل وإغلاق 29 مطرحًا عشوائيًا خطوة رمزية وملموسة، مما يشكل التزام قوي بتحسين جودة حياة السكان، وحماية التربة والمياه الجوفية، والحفاظ على التنوع البيولوجي.
هذا القرض، رغم حجمه الكبير، ليس مجرد دين. إنه استثمار في مستقبل الاجيال القادمة وفي مستقبل أكثر خضرة، وأكثر نظافة، وأكثر أمانًا لسوس-ماسة.
من خلال التزامها القوي بهاتين الجبهتين الحاسمتين، يبعث مجلس الجهة برسالة قوية أن البيئة ليست ترفًا، بل ضرورة مطلقة لتحقيق التنمية المستدامة. إنه إرث من الصمود والابتكار يجب أن تتركه المجالس المنتخبة للشباب المغربي.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News