
بطاقة المتقاعد: تجربة أوروبية رائدة لدعم الكرامة بعد سنوات العطاء
تشهد الدول الأوروبية تجارب رائدة في مجال دعم المتقاعدين اجتماعياً واقتصادياً، حيث وضعت الحكومات سياسات عملية تجعل من بطاقة التقاعد أداة رئيسية لضمان استمرار اندماج هذه الفئة في الحياة العامة، وتقديراً لعطائهم بعد سنوات طويلة من العمل.
تخفيضات في النقل والخدمات
تتيح البطاقة للمتقاعدين الاستفادة من تخفيضات مهمة في وسائل النقل العمومي تصل في بعض الدول إلى 70%، وتشمل القطارات، المترو والحافلات، مما يخفف من أعباء التنقل ويسهل لهم المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والثقافية. كما تمنحهم خصومات في فواتير الماء والكهرباء والغاز، خاصة بالنسبة للمتقاعدين ذوي الدخل المحدود.
ولوج أوسع للثقافة والترفيه
في فرنسا وإسبانيا وألمانيا، تخول البطاقة تخفيضات أو دخولاً مجانياً إلى المتاحف، المكتبات الوطنية، المسارح ودور السينما. وهي سياسة تهدف إلى تعزيز الحق في الثقافة والترفيه، وتؤكد أن التقاعد ليس عزلة، بل مرحلة جديدة من العطاء والاندماج.
دعم صحي واجتماعي
تُستعمل البطاقة أيضاً كمدخل إلى برامج التغطية الصحية الموسعة، حيث يستفيد المتقاعدون من إعفاءات أو تخفيضات في ثمن الأدوية والاستشارات الطبية.
وفي دول أخرى مثل البرتغال وإيطاليا، توفر الدولة عبر هذه البطاقة دعماً مباشراً لتكاليف السكن أو التدفئة خلال فصل الشتاء.
اعتراف رمزي بالمتقاعدين
إلى جانب الأبعاد المادية، تحمل البطاقة معنى رمزياً قوياً: فهي تعبير عن الاعتراف بمكانة المتقاعدين، وتقدير لمساهماتهم في بناء المجتمع. ففي هولندا وفنلندا، على سبيل المثال، تسهّل هذه البطاقة مشاركة المتقاعدين في الجمعيات والاستشارات المحلية، بما يجعل صوتهم مسموعاً في القضايا العامة.
دروس للمغرب
تجربة الدول الأوروبية تؤكد أن الاهتمام بالمتقاعدين استثمار في التماسك الاجتماعي. فالسياسات التي تجعل من بطاقة التقاعد وسيلة عملية للدعم تضمن لهذه الفئة الكرامة والاستقرار، وتمنحهم شعوراً بالانتماء. وهي تجربة يمكن للمغرب الاستفادة منها عبر تطوير بطاقة وطنية موحدة للمتقاعدين تجمع بين البعد الاجتماعي، الصحي، والثقافي.
الحسن باكريم
صحافي وباحث في الإعلام والثقافة الأمازيغية

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News