
فاس: اختتام المؤتمر العالمي للتصوف
احتضنت قاعة الندوات الكبرى للمجلس البلدي بمدينة فاس يومي 12و 13 غشت الجاري المؤتمر العالمي للتصوف في دورته الخامسة تحت شعار “منهج التزكية: بناء للإنسان وحماية للأوطان” من تنظيم المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية (IACSAS)،
وجاء اختيار شعار المؤتمر في سياق التصوف المغربي ليس حضورا دينيا وعقائديا فحسب، بل يمارس دوره كأداة اجتماعية وسياسية ودبلوماسية يرسخ بها المغرب “أمنه الروحي” داخليا بل ةداة للترافع الايجابي عن مصالحه الخارجية وتعزيز علاقاته مع شركاءه
إن التصوف المغربي لا ينس نصيبه من بناء الأوطان والذي يرتكز على بناء الإنسان الذي تقع على عاتقه أمانة هذا الوجود، وهو المتحمل تكليفا وتشريفا لمسؤولية عمارة الأرض، وخلافة الله سبحانه وتعالى في عالم الشهادة ليكون مصدر رحمة وشفقة وحياة
.
شهد المؤتمر العالمي للتصوف بفاس مشاركة نخبة من المشايخ والعلماء والدكاترة، تجاوز عددهم 400 شخص ومثلوا 30 دولة نيجيريا وتشاد وإثيوبيا والسودان ومصر وتونس والأردن والسنغال والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة إلى دول من الشرق الأوسط وآسيا، للتركيز على تفرد النموذج المغربي في تعزيز الإسلام المعتدل، حيث يشكل التصوف حصناً أيديولوجياً ضد التطرف.
وتضمن برنامج المؤتمر على مدار يومين عدة جلسات تناولت مواضيع مختلفة، منها: “التصوف وتوطيد قيم المواطنة الفاعلة”، و”الصوفية المغاربة في خدمة الإسلام”، و”التصوف والكفاح من أجل تزكية النفس الإنسانية”، و”دور التزكية في تحقيق التوازن بين المادي والروحي”، و”التصوف في ضوء التحليل النفسي السريري”.
كما تمت مناقشة مواضيع أخرى مثل: “التصوف والتنمية الحضارية”، و”التصوف النسائي المغربي: تجارب ودلالات”، و”مساهمة الزوايا
في التنمية السوسيو-اقتصادية للمغرب”، و”دور إمارة المؤمنين في الحفاظ على الأمن الروحي وثوابت الأمة”، و”دور التصوف في نشر ثقافة السلام”.
اختتم المؤتمر بسلسلة من التوصيات من بينها:
- الدعوة الى السلام العالمي عبر التعريف بحقيقة الإسلام القائم على بناء الانسان من خلال منهج التزكية
تأسيس اتحاد عالمي لأهل التربية والسلوك يمكن وسمه بالتحالف العالمي لأهل التصوف يضم تحت جناحه الطرق والاكاديميات الصوفية العالمية
اعتماد منهج التزكية كعلم يخرج في مقررات دراسية مصاحبة للأجيال القادمة في تنشئتهم وفي سائر المدارس والمؤسسات التعليمية والتربوية
بيان أهمية منهج التزكية في حماية الأوطان والرقي والنهوض بالأمة سلوكيا واقتصاديا واجتماعيا
تجديد طريق السلوك الى الله سبحانه ومناهج التزكية والتربية بما يتوافق مع اهتمامات الأمة وتحدياتها
الدعوة لإصلاح المنهج الصوفي وتصفيته مما داخله من البدع والانحرافات لجعله مرجعا للجميع
كما تم تكريم بعض الشخصيات الصوفية المغربية والدولية البارزة الحاضرة في هذا اللقاء وتم رفع برقية ولاء لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده راعي التصوف والصوفية في المغرب وداعم السلم والسلام للوطن والأمة.
وحول هذا المؤتمر صرح فضيلة الدكتور عزيز الكبيطي الإدريسي الحسني، رئيس المركز الأكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية بفاس ورئيس المؤتمر العالمي للتصوف بهاته المناسبة قائلا: “عقدنا هذا المؤتمر تحت شعار “منهج التزكية: بناء للإنسان وحماية للأوطان”، وهو يأتي في سياق سلسلة سابقة من المؤتمرات التي ينظمها المركز الاكاديمي الدولي للدراسات الصوفية والجمالية والتي تدخل في سياق تخليق الانسان والحديث عن منهج التزكية التي تساهم في بناء الانسان بناء داخليا ليصبح انسانا يحقق توازنه الداخلي، ومن ثمة يكون منتجا وفاعلا ويساهم في بناء وطنه وأمته ويكون سلما وسلاما للإنسانية جمعاء، وهذا يدخل في نطاق النداء المولوي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده الذي يدعو إلى تخليق الحياة العامة والذي لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تخليق الإنسان وتخليق الإنسان لا يتحقق إلا من خلال اقتفاء النموذج المحمدي الكامل، الذي يعتمد على تزكية الانسان ظاهره وباطنه، ليكون منتجا وفاعلا على المستوى المادي ومتحققا بالتوازن الروحي.
وعن المشاركة في المؤتمر أضاف فضيلة الشيخ قائلا: “يتميز هذا المؤتمر بمشاركة أزيد من 30 دولة ومعظم المشاركين هم نخبة من أهل الفكر وأهل التصوف، فيهم رؤساء مؤسسات أكاديمية دولية ومشايخ طرق وعلماء أفاضل من مختلف دول العالم، اجتمعوا هنا من أجل دراسة خمسة محاور تتحدث معظمها عن مقاربات مختلفة للتصوف ومناهج التزكية ثم مساهمة التصوف في النهوض الحضاري والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي للأمة الإسلامية، خاصة وإننا في ظروف معينة محيطة، تسودها الحروب والتوتر والصراعات ونحن في أمس الحاجة للقاء من أجل الحديث عن السلم والمحبة ونشر الأخلاق الإسلامية السمحة التي تعني بنشر مبادئ التزكية ومنهج الفلاح.
وعن المشاركة النسائية قال فضيلة الشيخ: “المرأة لها حضور قوي في الحضارة الإسلامية منذ عهد سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام، إذ كان للمرأة دور فعال في نشر الدعوة الإسلامية وتأييد سيدنا رسول الله ولليوم مازالت تمارس هذا الدور، وبالأخص أن التصوف يعنى بالروح وليس بالنوع، فالمرأة مرشحة أكثر لأن تكون صوفية بروحانياتها وتترقى في مدارج الكمالات مثلها مثل أخيها الرجل وتساهم في بناء نفسها وبناء مجتمعها، سيما أن الأم مدرسة، إن أعددتها أعدت شعبا طيب الأعراق، والحمد لله في المغرب، فإن المرأة، أخذت دورا رياديا في كل المجالات وفي مجال التصوف أيضا نجد حضورها، وهذا ما دعانا لاستدعاء عدد من النساء اللائي يشكلن نخبة واللواتي وكانت لهن مداخلات حول دور المرأة في التصوف الإسلامي وإنتاج المعرفة ودورها في السلم والسلام العالمي

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News