
إسرائيل..من ورقة ضغط إلى عبء خانق على واشنطن..
- بقلم: حسن كرياط//
لم تعد إسرائيل ذلك الحليف المدلّل الذي يمنح أمريكا النفوذ والمكاسب بلا حدود، بل تحوّلت شيئًا فشيئًا إلى عبء ثقيل يضغط على صدر الإمبراطورية الأمريكية. كيان وظيفي بلا بوصلة أخلاقية، يعيش على الدماء والابتزاز، ويقتات من الدعم الخارجي، حتى جاء اليوم الذي يُسمع فيه من قلب واشنطن، وعلى لسان دونالد ترامب نفسه، إنذار صريح: “أوقفوا الحرب أو نرفع الغطاء”.
هذا التصريح لم يأتِ من سياسي عابر، بل من رجل براغماتي لا يجيد المجاملة ولا يرتدي الأقنعة. وهو اعتراف ضمني بأن استمرار إسرائيل في مسارها الدموي، يهدد بإغراق السفينة الأمريكية بصخرة صهيونية لا ترحم.
منذ 1948، أنفقت الولايات المتحدة أكثر من 300 مليار دولار على هذا الكيان، دعمًا ماليًا وعسكريًا وتقنيًا، فضلاً عن الحماية السياسية في المحافل الدولية. ومع ذلك، ما الذي جَنَته واشنطن؟
حصيلة مرة: عداء شعبي متنامٍ في العالمين العربي والإسلامي، سخط داخل الجامعات والشوارع الأمريكية، إحراج أمام الحلفاء الأوروبيين، وانكشاف أخلاقي جعل خطابها عن “الحرية وحقوق الإنسان” مجرد لافتة باهتة. كل قصف على غزة يصيب هيبة واشنطن في الصميم، وكل دم طفل يُسفك، يبدّد رصيدها الأخلاقي أمام العالم.
لكن الحقيقة الأعمق أن المقاومة هي من دفعت أمريكا دفعًا نحو هذا الإدراك. في السابع من أكتوبر، تحطمت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وتهاوى الغرور الصهيوني تحت ضربات أبطال المقاومة. لم يكن ذلك يومًا عابرًا، بل محطة تاريخية أعادت تشكيل الوعي العربي، وحوّلت الكفاح من رد فعل إلى مشروع إستراتيجي واضح: تحرير الأرض، واستعادة الكرامة، وفضح الأكاذيب التي شرعنت وجود كيان قاتل على أرض مغتصبة.
اليوم، ما يجري في غزة والضفة ليس مجرد جولة أخرى من الصراع، بل فصل حاسم في ملحمة المقاومة. إسرائيل، التي كانت تُسوّق نفسها كدرع الغرب في الشرق الأوسط، باتت عبئًا سياسيًا وأخلاقيًا على حلفائها قبل أعدائها. والولايات المتحدة، التي طالما رفعت الغطاء عنها، بدأت تتململ وتعيد الحسابات.
هذه ليست منّة من واشنطن، بل ثمار تضحيات الشهداء، وصمود الأمهات، ونضال أجيال رفضت الخضوع. فالاحتلال إلى زوال، والمستعمر مهما طال بقاؤه، لا مستقبل له على أرض حرة. والمقاومة… باقية، ما بقيت الأرض والعقيدة والكرامة.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News