
قراءة في كتاب “الوحدة الترابية قضية المغاربة الأولى” لبوشعيب حمراوي..
يُعد كتاب “الوحدة الترابية قضية المغاربة الأولى” للكاتب والصحفي بوشعيب حمراوي مساهمة فكرية ووطنية في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، حيث يسلط الضوء على خفايا وتفاصيل تُغيبها العديد من التحليلات التقليدية، ويقدم سردًا توثيقيًا وتحليليًا لمجريات الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية منذ بدايته إلى اليوم.
مسيرة خلفها ملك وشعب وكتاب الله
يركز الكاتب في أحد محاور الكتاب على المسيرة الخضراء، التي شارك فيها 350 ألف مغربي متطوع مسلحين بكتب القرآن الكريم، معتبرًا إياها حدثًا فاصلًا في تاريخ المغرب المعاصر، ومثالًا نادرًا على التلاحم بين العرش والشعب من أجل استرجاع جزء من الأرض المحتلة بطريقة سلمية وغير مسبوقة في العالم.
ويضيف أن ما لا يعرفه كثيرون هو أن هذه المسيرة تلتها تعبئة متواصلة لمئات الآلاف من المغاربة، بلغ عددهم حوالي 420 ألف شخص (350 ألف من المطوعين و70 ممن يسهر على راحتهم وأكلهم وأمنهم).
وتحدث أيضا على من وقعوا أسرى لدى الجيش الجزائري وجبهة البوليساريو، وتعرضوا للتعذيب في معتقلات مثل تندوف، حسب شهادات حية يوردها الكاتب في كتابه، وهي شهادات تفضح حجم الانتهاكات التي مارسها النظام الجزائري ضد المغاربة الأسرى.
الاستفزازات في الجنوب… والاحتلال في الشمال
ينبه بوشعيب حمراوي إلى مفارقة لافتة تتمثل في أن المغرب، وهو يواجه استفزازات متكررة من طرف الجزائر جنوبًا، يتعرض في الآن ذاته إلى احتلال مدن شماله مثل سبتة ومليلية من طرف إسبانيا، وهو ما يفتح سؤالًا كبيرًا حول ضرورة معالجة شاملة لقضية الوحدة الترابية، تشمل الجنوب والشمال على السواء.
ويثير كذلك قضية مطلب تحويل سبتة ومليلية إلى الجهة 13، وهو مقترح يروم تقوية الحضور الإداري المغربي في متابعة قضايا المناطق المحتلة، من خلال ربطها بمراكز القرار الوطني، سواء في الرباط أو طنجة.
الدبلوماسية الوطنية وتحدي الترافع الدولي
ينبه الكتاب إلى أهمية الانخراط الجماعي للمغاربة، رسميين ومجتمعًا مدنيًا، في تسوية قضايا الوحدة الترابية، مؤكدًا أن المعركة لم تعد فقط عسكرية أو دبلوماسية تقليدية، بل أصبحت معركة ترافع إعلامي وقانوني وحقوقي، تتطلب إعداد ملفات دقيقة ومؤثرة، يقوم بها مغاربة واعون، سفراء ومدافعون عن قضيتهم الأولى.
ويُعد هذا العمل تحفيزًا على إعادة بناء خطاب مغربي قوي في المنتديات الدولية، على أساس الحقائق التاريخية والقانونية، وتفكيك الأكاذيب المروجة من طرف خصوم الوحدة الترابية، خاصة من طرف الآلة الإعلامية والسياسية الجزائرية.
يمثل كتاب بوشعيب حمراوي مساهمة نوعية في الدفاع عن قضية الصحراء المغربية، من خلال جمعه بين التوثيق التاريخي، والتحليل السياسي، والترافع المدني. ويؤكد على أن الوحدة الترابية ليست مسؤولية الدولة فقط، بل قضية شعب بأكمله، يستلزم منه الاستعداد الدائم للانخراط في معركة الوعي، والتعبئة، والدفاع عن الوطن بكل الوسائل السلمية المتاحة.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News