الجهة اليوم

شجرة أركان .. قبل أن تكون شجرة، فهي نظام بيئي (écosystème)

  • الحسين بويعقوبي –
هل يمكن لشجرة أركان أن تشبه باقي الأشجار؟ وأن توضع/تغرس في المدارات الطرقية، وعلى جنبات الشوارع، في الوسط الحضري؟ قد يكون الجواب نعم، إذا نجحت عملية الغرس، أو التوطين، باقتلاع أركان من جهاتها الطبيعية، ووضعها في أماكنها الجديدة.
لكن إذا نجحت هذه العملية، فمن سيحول النظام البيئي ، الايكوسيستيم، الذي كانت تعيش فيه، في تناغم مع محيطها الطبيعي و الانساني.
فإذا كان أركان يستطيع مقاومة الجفاف، والعيش بقليل من الماء، تجلبه جذوره من أبعد نقطة تحت الأرض، فقد تقتله كثرة المياه التي تحتاجها النباتات الجديدة التي وجدها مكرها بجانبه في المدينة.
كما سيحتاج لمعز سوس الذي ألف صعود أغصانه ذون أن يضره في شيء، كما سيحتاج للأغاني الأمازيغية التي ترددها النسوة وهن يجمعن “تافياشت”، أو أثناء جلوسهن تحت ظلاله الوافرة وهن يعملن على إعداد النوى قبل التوجه للمعصرة التقليدية “أزرك”، لإعداد زيت أركان.
وهل ستحضى هذه الشجرة المباركة من طرف سكان المدينة بنفس التقدير والاحترام، بل والتقديس، التي تتمتع به في مجالها الطبيعي، حيث ارتبط عدد منها بالأولياء والصالحين كسيدي حماد أو موسى، كبير أولياء سوس، وبالمساجد، والمقابر والأضرحة…، كما حمل كل منها اسما تحدد بواسطته هوية المكان، بل ويعتقد السكان بإمكانية معاقبة الآلهة لكل من يضر بهذه الشجرة، وهو ما جعل بعضها يكون وافر الظلال، يستفيذ منها الجميع ولو بالاستراحة كما هو الحال بالنسبة ل”تاركانت ن ءوسونفو”، ذون إغفال مجموع المعارف الأصيلة المرتبطة بهذه الشجرة، من معجم لسني أمازيغي خاص، وتقاليد وممارسات ومعتقدات، بدأت تفقد أمام دخول المكننة التي تسعى فقط لمضاعة كمية زيت أركان المطلوب في السوق الدولية.
كل هذا النظام البيئي ،الايكوسيستيم، مفقود في المدينة، وسيكون مطلوبا من شجرة أركان أن تقف في المدارات الطرقية وعلى جنبات الشوارع مجهولة الهوية والأدوار، كما عليها أن تتأقلم مع وضعها الجديد الذي لم تعشه قط، منذ أن وجدت على هذه الأرض السعيدة.
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى