
أكادير: مطارح النفايات بأمسكروض والدواوير المجاورة، مشكلة بيئية تستلزم حلولا
في ساعات مبكرة من كل صباح وبرفقة بغلته التي تجر عربته الخشبية، يقوم السي “محمد ز”، المكلف سابقا من طرف الجماعة والذي يعمل حاليا بشكل تطوعي، بجمع النفايات أمام بعض منازل ساكنة أمسكروض مقابل ما يجود به السكان عليه من مساعدات وإحسان .
يتنقل بين دروب البلدة السالكة بعربته المجرورة “لْكرّيسة” المخصصة لنقل النفايات “الزبل أو أرّاس” إلى المطرح الرئيس بالبلدة حيث يقوم بتفريغ حمولتها غير بعيد عن الطريق الرابطة بين أمسكروض ودوار أكافاي وعلى بعد أقل من كيلومتر من القسم الداخلي لإعدادية العقاد ودار الطالبة وبعض التجمعات السكنية.
الوضع الراهن للمطارح
كغيرها من مطارح النفايات التي تنتشر عشوائيا في نفس البلدة وفي أماكن مختلفة من قرى ودواوير جماعة أمسكروض (تكوشت وتلعينت و ويكيران وتنفيست وتماعيت أوفلا وبويحا وتورار وتوزونين وتينفول وسيدي بوسحاب وأكافاي وبولبرج وبوزكار وتَغَراست) وكذا قرى جماعة إضمين (إخْرْضيضن وأملال وتزنتوت وأساكا وتيغانيمين وتيزكي ن شّْرفا وأسيف إيكّ وتنفيت وإمعيزن )1، تتراكم الأزبال بمختلف أنواعها، حيث تختلط المخلفات العضوية من بقايا الأكل وقشور الخضر والفواكه وغيرها بقنينات وأكياس البلاستيك من مختلف
والزجاجات والعلب القصديرية وإطارات العجلات والبطاريات ومخلفات مواد البناء ومعلبات العصائر والمواد الغذائية وقطع ورق التعليب المقوى “الكارطون” والمعادن وغير ذلك من النفايات التي تكون في غالبيتها غير قابلة للتحلل والتي يتم التخلص منها برميها على جوانب الوادي أو تحت القنطرة في انتظار أن تجرفها السيول الموسمية.
تدبير النفايات
تعتبر مسألة تدبير النفايات مشكلة كبيرة خصوصا في المجال القروي والجبلي خصوصا.
يقول مصطفى شاكري في مقال له منشور بإحدى الصحف الإلكترونية: “وتُدير الجماعات الترابية ذات الطابع القروي، التي تُشكل 85 بالمائة من الجماعات الترابية، قطاع النفايات المنزلية والمماثلة لها بأساليب لا تحمي النظم الإيكولوجية الجبلية “ 2
كما يشير إلى ”تضاعف إجمالي توليد النفايات بالمناطق القروية خلال السنوات الأخيرة (…) إذ سترتفع الحصيلة إلى 681.070 طنا عام 2030 وفق إحصائيات الإستراتيجية الوطنية لتقليص وتثمين النفايات “ 3
فأمسكروض مثلا لا تتوافر على مكب نفايات خاضع للمعايير الصحية المتعارف عليها كالفصل بين الصلب والسائل والفرز حسب نوعية المهملات أو جعل المطرح مجالا لإعادة التدوير كما صرح لنا الأستاذ “اسماعيل أ”، رجل تعليم وأحد ساكنة المنطقة.
فبالإضافة إلى المكب المعروف تتواجد بالبلدة أماكن عشوائية أخرى منتشرة يتخلص السكان من نفاياتهم دون فرز برميها في الوديان “إغزران” لتجرفها الأمطار أو بجانب التجمعات السكانية في حفر أو في العراء “أمْدّوزْ” حيث يتم حرق ما يمكن منها، وقد تلجأ بعض الدواوير إلى استعمال آبار مهجورة لنفس الغرض. وما لوحظ على هذه العشوائيات بالبلدة المركز، تم تسجيله كذلك بمختلف دواوير جماعتي إضمين وأمسكروض حسب ما استقيناه من شهادات زميلاتنا وزملائنا المنحدرين من تلك المناطق.
كما تمت معاينة تناثر مختلف النفايات، خاصة قنينات المشروبات وعلب الحليب والزبادي والبسكويت والأوراق… على جوانب الطريق الوطنية 8 المارة وسط أمسكروض والتي يتسبب في جلها العابرون بسياراتهم أو شاحناتهم حيث يرمونها من النوافذ.
أضرار صحية وبيئية
من المعلوم أن هناك علاقة وطيدة بين الصحة والبيئة إذ يتأثر كل واحد منهما بالآخر ويؤثر فيه. فالنفايات التي تُلقى في العراء، أو يتم حرقها، تضر بصحة الإنسان وتضر كذلك بالبيئة ومكلفة إقتصاديا للجماعات والدولة، إذ تعتبرهذه المكبات
العشوائية بؤرا لانتشار الأمراض بسبب الحشرات وما تنقله من ميكروبات ومصدرا للروائح الكريهة المنبعثة منها خصوصا في فصل الصيف أو عند حرقها وكذلك تلويثها للفرشاة المائية بسبب تسرب العصارات وتأثيرها السلبي على الأراضي المزروعة وعلى الغطاء النباتي وعلى رأسه شجرة الأركان.
هل من حلول؟
جاء في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مايلي: “أما في العالم القروي، تبدو الجماعات المحلية عاجزة عن مواجهة التطور السريع لهذه الوضعية، أمام محدوديــة الموارد المالية. فــي هذا الصدد، لم تعد المساحات الطبيعيــة قادرة على الاســتفادة من الاقتصاد الدائري* كما في السابق، ويرجع ذلك أساسا إلى وجود البلاستيك والمواد الأخـرى غير القابلــة للتحلل. وفــي السابق، كانت المواد المستخدمة في هــذه المناطق تتكون فقط من مواد طبيعية تتحلل بشكل طبيعي بمجرد التخلص منها في الطبيعة، مما كان يشكل بيئة عيش صحية ونظيفة “4
رغم ذلك نعتقد أنه يجب على الجهات الرسمية المعنية أن تدرج مطرح النفايات ضمن مشاريع التهيئة المجالية مع مراعات الوضع الإقتصادي والإجتماعي للساكنة والوضع البيئي وتفعيل القانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات* وإشراك المواطنين في اقتراح حلول مناسبة لهم كما يمكنها البحث عن شراكات وطنية ودولية بهذا الخصوص.
كما يمكن للجماعة توفير شاحنة وحاويات وحث الساكنة بالتنسيق مع المجتمع المدني على تجميع نفاياتهم في أماكن يسهل الوصول إليها مع ضرورة توعيتهم لتغيير سلوكاتهم اتجاه النفايات وطرق التخلص منها وتشجيعهم على الفرز القبلي في المنزل والاتفاق على مكان لطرح النفايات العضوية لتحويلها إلى أسمدة عضوية أو كعلف للدواب وكذا تشجيع الناس على إرجاع نمط العيش التقليدي، لاسيما ما يتعلق بتربية المواشي في القرى، حتى يتم التخلص منها طبيعيا.
ويرى الأستاذ “اسماعيل أ” :”ضرورة إشراك المؤسسات التعليمية والجمعيات المحلية عن طريق التحسيس ونشر الأفكار الصديقة للبيئة” انتهـى. فالمؤسسات التعليمية بواسطة أنشطة الحياة المدرسية يمكن أن تساهم في تغيير العقليات وتثقيف المتعلمين للتأثير في سلوكات أسرهم إزاء تدبير النفايات وتوعيتهم بالآثار السلبية للتعامل عشوائيا مع النفايات على الفلاحة والمياه والغطاء النباتي وشجرة أركان وتأثير ذلك على مصادر عيشهم.
وعلى غرار بعض المناطق القروية يجب تشجيع إنشاء تعاونيات لتثمين النفايات وفرزها وإعادة تدويرها أو نقلها لمدينة أكادير للمحافظة على جمالية المنطقة وغاباتها وتوفير فرص شغل لابناء المنطقة.
إن حل مشكلة النفايات يستلزم ضرورة انخراط كل من المواطنين والسلطات المعنية والمجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والوزارات الوصية والدولة في هذه العملية كل في مجال تخصصه ودائرة تأثيره، ولا ننسى أننا نحن من يصنع النفايات بسلوكاتنا.
ربورتاج من إنجاز التلاميذ:
فاطمة بورسين. خديجة شاقور. حفيظة بورسين. عثمان أساوري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 تم ذكر الدواوير التي يدرس أبناؤها بالإعدادية والذين تم استجوابهم واستقصاء المعلومات منهم.
2 “مطارح النفايات بالقرى المغربية .. “قنابل بيئية” تهدّد مستقبل السكان.. جريدة هيسبريس.
3 نفس المصدر السابق.
4 تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي “ ادماج مبادئ الاقتصاد الدائري في مجال معالجة النفايات المنزلية والمياه العادمة” صفحة 21.
* لمعرفة المزيد عن الاقتصاد الدائري والقانون 28.00 يراجع التقرير أعلاه.

تابعوا آخر الأخبار من أكادير اليوم على Google News