Agadir Today TVالمجتمع

محمد شارف : الماء سلعة اجتماعية وثقافية وحقوقية بالدرجة الأولى..معه فيديو

في لقاء دراسي حول “تدبير الثروة المائية وتحديات الاستدامة” بمقر عمالة طاطا يوم الخميس فاتح فبراير 2024، ألقى محمد شارف رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الانسان سوس ماسة كلمة بالمناسبة ننشرها كاملة تعميما لفائدتها.

“الهدف الأساسي من هذا اللقاء الدراسي حول “الثروة المائية وتحديات الاستدامة” هو خلق فضاء للحوار بين مختلف المتدخلين المؤسساتيين والمدنيين حول قضايا حقوق الإنسان. والحرص على الوصول إلى خلاصات وصياغة توصيات ترمي لترسيخ ضمانات العيش الكريم للمواطنات والمواطنين.

كما تعرفون جميعا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو مؤسسة دستورية تتولى النظر في جميع القضايا المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات وحمايتها، وبضمان ممارستها الكاملة، والنهوض بها وبصيانة كرامة وحقوق وحريات المواطنات والمواطنين، أفرادا وجماعات، وذلك في نطاق الحرص التام على احترام المرجعيات الوطنية والكونية في هذا المجال.

ويتفاعل المجلس مع محيطه المؤسساتي الدولي، خصوصا المنظومة الأممية لحقوق الإنسان والشبكة الدولية لمؤسسات حقوق الإنسان، التي يشغل فيها المجلس المغربي منسقا للمؤسسات الإفريقية لحقوق الإنسان.

وكما لا يخفى عليكم، فموضوع هذا اللقاء الدراسي ليس خصوصية أو استثناء مغربيا. فالتغيرات المناخية وشُحُّ الموارد المائية والاستغلال المفرط للثروات الطبيعية صارت في مطلع اهتمامات المنتظم الدولي، وتحظى بإجماع واهتمام لدى مختلف فئات المجتمع. لأنها قد تكون سببا للنزاعات المسلحة والمآسي الإنسانية.

وأسفرت أشغال المنظمات الدولية عن اتفاقيات وإجراءات إقليمية ووطنية تتحمل فيها الدول التزامات مهمة لفائدة التدبير العقلاني للموارد المائية ووضع الضمانات للاستفادة منها للجميع.

فمن منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان فإنه ينبغي أن تكون عناصر الحق في الماء كافية لصون كرامة الإنسان وحياته وصحته، وينبغي عدم تفسير كفاية الماء تفسيراً ضيقاً يقتصر على الناحيتين الكمية والتكنولوجية، بل ينبغي معالجة الماء كسلعة اجتماعية وثقافية لا كسلعة اقتصادية بالدرجة الأولى. كما ينبغي أن تكون طريقة إعمال الحق في الماء مستدامة، تضمن إمكانية إعمال ذلك الحق للأجيال الحالية والمقبلة.

ولئن كانت كفاية الماء اللازم لضمان التمتع بالحق في الماء تتفاوت وفقاً لظروف مختلفة، فإن العوامل الوارد ذكرها أدناه تنطبق على جميع الظروف:

الوفرة: ينبغي أن تتناسب كمية الماء المتاح لكل شخص مع ما تنص عليه المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية.

الجودة: يجب أن يكون الماء اللازم لكل من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية مأموناً، وبالتالي ينبغي أن يكون خالياً من الكائنات الدقيقة، والمواد الكيميائية والمخاطر الإشعاعية التي تشكل تهديداً للصحة.

إمكانية الولوج عبر أربعة أبعاد متداخلة:

  1. إمكانية الوصول المادي للماء
  2. إمكانية الوصول اقتصادياً للماء
  3. عدم التمييز
  4. إمكانية الوصول إلى المعلومات حول الماء

أما على الصعيد الوطني فقد فطِنت الدولة للتحديات التي يطرحها تدبير الثروة المائية، من خلال صدور تشريعات ونصوص تنظيمية والاستثمار في البنية التحتية وفي البحث العلمي والتطور التكنولوجي.

ولكن المخاطر تظل قائمة، مما يجعل الدولة في كل مرة تعمل على تحيين تدابيرها واتخاذ إجراءات جديدة. من قبيل ما نعيشه في الفترة الأخيرة، خصوصا ما جاء في بلاغ الديوان الملكي بمناسبة ترؤس جلالة الملك جلسة عمل خصصت لإشكالية الماء. حيث حث جلالة الملك، القطاعات والهيئات المعنية على مضاعفة اليقظة والجهود لرفع تحدي الأمن المائي وضمان التزويد بالماء الشروب على مستوى جميع مناطق المملكة.

ودعا جلالة الملك الحكومة إلى اعتماد تواصل شفاف ومنتظم تجاه المواطنين حول تطورات الوضعية المائية والتدابير الاستعجالية التي سيتم تفعيلها، مع تعزيز توعية العموم بأهمية الاقتصاد في استهلاك الماء ومحاربة جميع أشكال تبذير هذه المادة الحيوية واستخداماتها غير المسؤولة.

وانطلقت الحكومة في تنفيذ المخطط الاستعجالي الذي تم اعتماده في هذا الاجتماع للتجاوب مع التحديات المطروحة. وتأتي قرارات السادة العمال بمختلف العمالات والأقاليم المتعلقة بترشيد استهلاك الماء في هذا السياق.

أما بخصوص اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة سوس ماسة التي أتشرف برئاستها، فقد اشتغلت في قضايا البيئة لا سيما في سياق احتضان فعاليات COP21 بمراكش سنة 2016.

وعلى المستوى المحلي فقد انتبهت اللجنة لقضايا الماء انطلاقا من الشكايات التي تتلقاها والتي تتعلق أساسا بجودة المياه أو بقضايا التمييز في التزود بالماء الصالح للشرب من طرف الجمعيات بالعالم القروي.

وها نحن اليوم نتمكن بفضل شركائنا من تنظيم هذا اللقاء حول قضية لها أهميتها على الصعيد الدولي والوطني المحلي، وفي مدينة ومنطقة لها رمزيتها وخصوصيتها، ولكن تعيش إكراهات وتسعى لترسيخ ممارسات فضلى، مستفيدة من الإرث الثقافي والحضاري بالمنطقة، ومن حيوية مجتمعها المدني وتجاوب المسؤولين.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى