الثقافة

حروب الوهابية الخاسرة..غزوة بويلماون نموذجا

  • الطيب أمكرود //

قبل بضع سنوات، فطن التيار الوهابي في المغرب إلى استعصاء اقتحامه القلاع الناطقة بأمازيغية تشلحيت، كانت فرحتهم لا توصف وهم يعثرون على واحد يصلح للمهمة، كما اعترف بنفسه، كيف لا وهو المتقن للسان تشلحيت المتمكن من فنون القول بها كما اعترف بنفسه، فعضوا عليه بالنواجد وباركوه وبعثوه إلى الجنوب الناطق بتشلحيت ووفروا له الزاد والعتاد.

كانت البداية كعادة كل تيارات الإسلام السياسي بادعاء فعل الخير والركوب على آلام الناس واساسا جوعهم وعطشهم وعريهم، هللوا لأنفسهم وهم يبشرون جمهور مواقع التواصل الاجتماعي ببركتهم وهم يحفرون ثقوبا مائية في عدد من المناطق، كللت لبركتهم المدعاة بالعثور على الماء، وكانت الحملة تحت مسمى “اترك أثرا”، وسرعان ما تبخرت الصور الدعائية والآبار ذات الصبيب العجيب. حاول ممثل الوهابية في المناطق الناطقة بتشلحيت استغلال ظروف الساكنة مرة أخرى، خصوصا إبان كوفيد والجفاف، نشر من جبال إداوبوزيا فيديوهات يذرف من خلالها الدموع على مسنة لا تجد ما تطفئ به جوعها، استقدم شاحنات من المواد الغذائية ممولة من قبل وهابيي المغرب ومناصريهم ووزعها على السكان، وسرعان ما تدخل المسؤولون لوقف استغلال الإحسان العمومي للدعاية للتطرف.

غير وهابي الجنوب الناطق بتشلحيت استراتيجيته، ووجه فوهة مدفعيته للثقافة الأمازيغية، فهاجم الحركة الأمازيغية والأمازيغية في آن، ولم يسلم من خرجاته لون من ألوانها، فهاجم احتفالات المغاربة برأس السنة الأمازيغية، وهاجم الفنانين والفن الأمازيغي، وقال فيهم ما لم يقله مالك في الخمر، انضم لحملته عدد ممن يشاركونه نفس المعين، وتواصل الهجوم منذ 2018، فنال الروايس نصيبهم من خرجاته اليومية، ونال الممثلون حقهم، وظل الوهابيون الناطقون بتشلحيت يكرسون كل جهودهم للنيل من الثقافة الأمازيغية،

ستنتهي غزوة إيض إيناير وتاگلا الحرام بترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا في المغرب وعطلة رسمية مؤدى عنها، ليصمت الوهابيون عن الملف، ويواصلوا الهجوم على الفن والفنانين، لتنتهي غزوة الفنانين أيضا بالصمت من قبلهم بعد أن أنصف القضاء المتضررين من حملات هؤلاء من الإعلاميين والفنانين.

ولأن وهابيي الجنوب لا يؤمنون إلا بمشروعهم، سيواصلون الحرب على كل ما هو أمازيغي مغربي أصيل، فكلما اقترب عيد الأضحى، ولأنهم يعلمون أن سكان الجنوب الناطقين بتشلحيت أوفياء لعادة عريقة من عاداتهم هي عادة بويلماون أو بوبطاين أو بوجلود، شحن أعداء الحرية والديمقراطية والاختلاف بنادقهم مرة أخرى وشحذوا ألسنتهم ودشنوا حربهم ضد عادة من عادات المغاربة الأصيلة.

وحاول هؤلاء الإيحاء للناس أن عادة بويلماون وطقوس الاحتفال به عادات وثنية، تماما كما فعلوا مع رأس السنة الأمازيغية، وكما كان الرد إزاء كل حملاتهم السابقة، خرج الناس للاحتفال ببويلماون في كل مناطق الجنوب الناطقة بتشلحيت، وحجوا من كل فج عميق إلى الساحات ومواقع الاحتفالات أفواجا، وتركوا زمرة تجار الدين الوهابيين يعضون أناملهم من الأسى وهم يفشلون مرة أخرى ويهزمون في غزوة أخرى من غزواتهم: غزوة بويلماون.

إن ما لا يعلمه تجار الدين الوهابيون الناطقون بتشلحيت، أن الأمازيغية في كل تمظهراتها باقية ولن تزول، وهي التي عاصرت كل اللغات القديمة التي ماتت، وبقيت هي حية، وأن الوهابية التي فرختها أنظمة ودول لأسباب معلومة قبل أربعة عقود زائلة من هنا كما انتهت في مشتلها ومهدها، وستنتهي حيث نقلت شتلاتها المسمومة كما انتهت في منبتها الأول الذي ظلت تقتات منه ملايير الدولارات قبل أن يفطن أهله لرداءة العملة فأنهوا التعامل بها.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى