الثقافة

طنجة التاريخ..

كل شيئ هنا يذكرني بوقائع وملاحم التاريخ.
لا يمكن ان تلتفت يمينا او شمالاً دون ان تلتقط عدسات عينيك صورة تجسد او تذكرك بواقعة من وقائع التاريخ، خصوصاً ونحن في مدينة من مدن المغرب التي نالت حظا وافرا من الشهرة التاريخية ، كيف لا وهي ثغر من ثغور المغرب التي حكم عليها موقعها الجغرافي ان تكون في مقدمة مدن المغرب التي تلتقط كل جديد وطارئ تاريخي، وهذا ما فرض عليها ان تكتسب شخصية فريدة وان تتمتع ببديهة كبيرة وذكاء ثاقب قصد إيجاد الحلول لمستجدات تقلبات الأزمنة التاريخيّة.
كل الصور اذن تذكرنا بشيئ من تاريخ البحر الأبيض المتوسط، بدءا بسجن الملك الامازيغي يوگرتن، المعروف بيوغرطة، وملاحمه البطولية ضد جيش روما العظيم، فهذا القوس والسياج الحديدي وهذا الممر يذكرني بسجنه البئيس في روما، ولست أدري ان كان في المرارة ما هو أمر من سجن ملك والحكم عليه بالإعدام بتلك الطريقة.
طنجة التاريخ.. - AgadirToday
مجسمات خشبية نقشت في جوفها نقوش عبارة عن وجوه وهياكل، واجسام حيوانات اليفة وبرية متوحشة، ذكرتني بطور وسندانه وهو كبير آلهة الفايكينگ، مجسمات تبدوا لي عادية جدا، ولكنها صنعت وطبعت تاريخا أوربيا مليئا بالأحداث والاحزان، بالملاحم والبطولات، غارات وغزوات استفاق العالم على وقع ضجيجها ذات يوم، وأرقت القساوسة والملوك البريطان، لم تنفع مع قوتها قرع أجراس الكنائس ولا صلوات الرهبان في الاديرة، غزوات ارغم الكنيسة على التنازل على تفاسيرها لأحداث التاريخ ومصير البشرية، ضربات ادخلت أوروبا رغما عنها الى مراحل جديدة من التاريخ عنوانها الاصلاح والابتكار وتغيير نظرة الانسان الى الكون ومصير بني البشر.
سفن جميلة تخترق عباب البحر وتتجه بكل عنفوان وأناقة صوب الميناء بعد رحلة بحرية بين ضفتي المتوسط تذكرني بقصة طارق ابن زياد ومصيره التراجيدي الذي انتهى به سجينا تم مشردا بعد ان غزى الاندلس وسبي ما سبي وغنم ما غنم وكتب الأخرون تاريخه بدلا منه بعد ان قرروا مصيره وقدره المعروف، وبعد ان زوروا اسمه ونسبه ولما قضوا منه وبه رموه لأول وحش في الغابة.
طنجة التاريخ.. - AgadirToday
مكر التاريخ. هذه المدافع تذكرني بمصير الإصلاحات التي دشنها المغرب في القرن التاسع عشر وأفشلتها النخب المحافظة، إصلاحات انخرط فيها سلاطين المغرب لمجابهة الظغوط الأوروبية واجتناب البلاد والعباد ويلات الاستعمار ولكن الفقهاء كان لهم رأي آخر.
مدافع تذكرني بتاريخ المغرب العزيزي، وهو بالمناسبة سلطان مظلوم، سلطان سيئ الحظ … أبواب تذكرني بمدينة واتفورد المدينة ألانجليزية الرائعة التي زرتها ذات شتاءا واتذكر أن شتائها كان بارداً وقاسيا على الجميع الا علي أنا… فكلما انهمر المطر على معطفي الا وأحسست ان جمرة من جمرات الجلاد (المقصود به الشمس وهو تعبير محازي اطلقه براهيم الگوني على الحرارة المفرطة في الصحراء. وكان ذلك في روايته الرائعة المجوس) قد انطفئت في موقدي. واتفورد والثورة الصناعية وميلاد أوروبا الكاسحة، أوروبا الاستعمارية التي لا ترحم ومازالت…
  •  الحسين بوالزيت
  • طنجة في 15 فبراير 2024
          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى