السياسة

الفقيد محمد بنسعيد أيت إيدر .. المناضل الذي لا يعرف مكيافيلي

تعرفت على سي محمد بنسعيد عن قرب وأنا تلميذ بالثانوي سنة 1982 مباشرة بعد عودته من المنفى منتصف العام 1981 وحضرت في كل اللقاءات التأسيسية لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي ، بالمناسبة اسم هذا الحزب تم الاتفاق عليه في احد اجتماعات قيادة المنظمة بمنزل عائلتنا مع سي محمد بكريم، بحي السبتا بالدار البيضاء، حيث كانت قيادة المنظمة بالدار البيضاء تلتقي في اجتماعات اعدادية بمنازل المناضلين قبل تأسيس المنظمة.

كما حضرت في المؤتمر الاول والثاني للمنظمة وحضرت أيضا في اجتماع اللجنة المركزية لسنة 1992 التي أنهت مسيرة المنظمة قبل واقعة ما عرف بالانشقاف.

شأت الاقدار سنة 1986 أن يتم تعييني أستاذا للتعليم الابتدائي بأكادير لألتقي سي بنسعيد من جديد ، وتتبعت عن كتب نضاله البرلماني وكنت مكلفا كمراسل لجريدة أنوال باعداد تقارير عن كل انشطته خاصة بين 1988 و 1991، وكنت أدرس بدوار افريان بتين منصور وهو دوار المرحوم بنسعيد وربما مسقط رأسه.. خلاصات هذه العلاقة تحي لي بهذه الملاحظات الهامة بالنسبة لي في هذه المناسبة الحزينة لفقدانه:

الرجل كان مناضلا صنديدا وكان ودودا وصادقا في كل كلامه وحركاته، ومع الجميع، حتى الذين يختلفون معه، فهو نية بتعبير اليوم ، وطني غيور، كان في وسط اليسار الجديد والقديم، ولكنه لا يعرف مكيافيلي مثل جميع السياسيين.

حضرت معه في لقاء في بيته بحي الشرف بأكادير، سنة 1989، وخلال هذا اللقاء تعرفت على المناضلين الأمازيغيين لحسن كحمو ومحمد حنداين، وهما مقربين منه، سي كحمو باعتباره ابن اشتوكة وساهم في دعم الرجل في الحملات الانتخابية ، وحنداين هو من أقاربه ويحضر معه كلما حل باشتوكة، خلال هذا اللقاء دار نقاش حاد بين بنسعيد والمناضلين حول موضوع الأمازيغية، بنسعيد كان متحفظا من موضوع الدفاع عن الأمازيغية وكانت له مبررات تتعلق بالديمقراطية والوحدة العربية (موقف اليسار) رغم حدة النقاش، سي بنسعيد قبل بشكل ودي كل مرافعات المناضلين ، بعد انصرافهما سألني عن موقفي من الموضوع ، أجابته بأن موقفهما نضالي ومهم أن يطرح داخل المنظمة..في سنة 1990 رفضت قيادة المنظمة الاشارة إلى موضوع الأمازيغية في البيان العام لمؤتمرها الثاني.

في الولاية البرلمانية لسي محمد بنسعيد ( بين 1984 و1992) حضرت وتابعت واقعة بينه وبين عامل أكادير المرحوم مطيع، حيث علمت من سي بنسعيد ان العامل بعد الانتهاء من أشغال مشروع حي الشرف طلب من البرلمانيين والمنتخبين اقتناء الفيلات بهذا المشروع ، فرفض سي بنسعيد، وربما وحده من رفض عرض العامل، وبعد سنتين من الواقعة ، وكان عدد من فلاحي اشتوكة اشتكوا لسي بنسعيد من مؤسسة القرض الفلاحي بعد مطالبته للفلاحين أداء مبالغ القروض وفوائدها، بعد اللقاء مع الفلاحين وإلحاحهم في طلب سي بنسعيد تأجيل أداء ما بذمتهم للقرض الفلاحي، لم يكن أمامه إلا التوجه إلى العامل مطيع ومطالبته للتدخل لدى مدير القرض الفلاحي لتأجيل أداء القروض .

بعد استقباله من طرف العامل، ذكره برفضه اقتناء بيت بمشروع الشرف مؤكدا له، أن رفضه يقضي منه ان يرفض له التدخل لدى مؤسسة القروض، إلا أن بنسعيد رد فورا على العامل مؤكدا استعداده لاقتناء بيتا له بحي الشرف شريطة حل مشكل الفلاحين وتأجيل القروض إلى حين استطاعتهم على أدائها.. وهو البيت الذي أشرت إليه في الملاحظة الاولى، والذي اقتنه بنسعيد بمبلغ يفوق بكثير المبلغ الاولي للفيلات، لم يستعمل سي بنسعيد إلا ناذرا إلى باعه لأجنبية في بداية الالفية.

هذا هو الرجل محمد بنسعيد ايت ايدر، المناضل والمقاوم والوطني الغيور الذي غادر اليوم الحياة بعد عمر طويل قضاه في المقاومة من أجل الوطن وفي النضال من أجل الديمقراطية .. رحمة الله عليه.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى