الرأيالمجتمع

اتركوا المؤسسات تقول قولها الفصل!

  • حسن السحاقي //

مع اقتراب انتهاء أشغال اللجنة الملكية المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، طفت إلى السطح أكاذيب وافتراءات على بعض الجمعيات النسائية والأحزاب الديمقراطية واليسارية، كونها تدعو إلى زواج المثليين، وإلى السماح بالعلاقات الرضائية، وإلى استبعاد المذهب المالكي، افتراءات كثيرة عجت بها مهرجانات خطابية، قطعت تصفيقات الحاضرين – بمشاركة قياديهم وضيوفهم – أوصال خطاباتهم لتتحول إلى خطابات جوفاء، جعلت وتجعل أصحابها في شرود تام.

لقد تكرس تقليد إسناد مراجعة مدونة الأسرة إلى لجنة ملكية استشارية منذ 2003، يرجع إليها أمر إعداد مشروع المدونة بناء على مشاورات موسعة ضمت كل أطياف المجتمع المدني بعقد الندوات واللقاءات القانونية والمجتمعية. وقد شكلت المدونة آنذاك – كما جاء في ديباجتها – تحولا تاريخيا متميزا باعتبار نصا قانونيا مؤسسا “للمجتمع الديمقراطي الحداثي”.

والآن بعد مرور عقدين، برزت إشكالات جعلت المدونة متجاوزة في كثير من نصوصها، مما استوجب مراجعتها لتتوافق مع معطيات الواقع وتطوراته، ولتنسجم مع المواثيق الدولية التي لا تتناقض مع المرجعية الدينية. واعْتُمِدت نفس آلية المراجعة المتمثلة في تشكيل لجنة ملكية استشارية، للحوار الهادئ بين المتحاورين وعيونهم على الوطن، واستبعاد كل أشكال الضغط من أي طرف كان. 

أولا- إن هذه اللجنة الملكية الاستشارية تشكلت «من أفاضل العلماء والخبراء، من الرجال والنساء، متعددة المشارب ومتنوعة التخصصات، أسند إليها إجراء مراجعة جوهرية لهذه المدونة». فكل التعديلات التي ستخضع لها المدونة مؤطرة بتوجيهات الملك المحددة فيما يلي: 

  1. تعديلات تلتزم بأحكام الشرع وتوافق مقاصد الإسلام.
  2. تعديلات تعتمد الاجتهاد في استنباط الأحكام، مع الاستهداء بما تقتضيه روح العصر والتطور.
  3. تعديلات تستحضر التزام المغرب بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها عالميا.

ثانيا- الملك أمير المؤمنين، فكل المقتضيات الشرعية هي من اختصاصه، وبالتالي لا يمكن لأية جهة أن تنازع الملك في هذه المقتضيات، لأنه مجال محفوظ للملك دستوريا (الفصل 41).

وعلى هذا الأساس فكل من يروِّج إشاعات من قبيل مساس أحزاب سياسية بالشريعة الإسلامية كلام غير ذي معنى، يراد به فقط تهييج الناس، واستخدامه في تجنيد النفوس الضعيفة والجاهلة، أو يريد الظهور بمظهر حارس للدين، بممارسة الضغط والتهديد والوعيد، كما كانت تزعم إحدى الجهات أنْ كان لها كل الفضل في أن جنَّبت المغرب سيناريو “الربيع العربي” خلال انتفاضة 20 فبراير.

ثالثا- يقدم مشروع مدونة الأسرة إلى الملك وبعد موافقته عليه، يحال على مجلسي البرلمان للنظر فيه باعتبار دوره الحيوي في البناء الديمقراطي لدولة المؤسسات.

          

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى